نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 1 صفحه : 383
الأول. و اختلف في حياته فقال الإمام محيي الدين النووي و جمهور العلماء: هو حي موجود بين أظهرنا قال: و هذا متفق عليه عند الصوفية و أهل الصلاح و المعرفة. و حكاياتهم في رؤيته و الاجتماع به و الأخذ عنه و سؤاله و جواباته و وجوده في المواضع الشريفة و مواطن الخير أكثر من أن تحصر و أشهر من أن تشهر. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: هو حي عند جماهير العلماء و الصالحين و العامة معهم على ذلك و إنما شذ بإنكاره بعض المحدثين انتهى. و قال الحسن: إنه مات و قال ابن المنادي لا يثبت حديث في بقائه. و قال الإمام أبو بكر بن العربي: مات قبل انقضاء المائة و يقرب من هذا جواب الإمام محمد بن إسماعيل البخاري: لما سئل عن الخضر و الياس عليهما السلام هل هما في الأحياء؟فقال: كيف يكون ذلك و قد قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو اليوم على ظهر الأرض واحد» . [1] و الصحيح الصواب أنه حي و قال بعضهم إنه اجتمع مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و عزى أهل بيته و هم مجتمعون لغسله. و قد روي ذلك من طرق صحاح. و في التمهيد لابن عبد البر إمام أهل الحديث في وقته رحمه اللّه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم حين غسل و كفن، سمعوا قائلا يقول: السلام عليكم أهل البيت إن في اللّه خلفا من كل هالك، و عوضا من كل تالف، و عزاء من كل مصيبة، فعليكم بالصبر و احتسبوا، ثم دعا لهم و لا يرون شخصه، فكانوا يرون أنه الخضر عليه السلام يعني أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم، و أهل بيته رضي اللّه تعالى عنهم.
قال السهيلي: و قد ذكر أن الخضر عليه السلام هو ارمياء و لم يصححه محمد بن جرير الطبري، و أبطله بما يطول ذكره من الحجج. و ذكر أيضا أنه اليسع صاحب الياس عليهما السلام، و أعجب ما في ذلك قول من قال: إنه ابن فرعون صاحب موسى عليه السلام. ذكره النقاش. انتهى.
و اختلف في نبوته فقال القشيري و كثيرون: هو ولي. و قال بعضهم: هو نبي و رجحه النووي و حكى الماوردي في تفسيره ثلاثة أقوال: أحدها أنه نبي، و الثاني أنه ولي، و الثالث أنه من الملائكة. و هذا القول غريب باطل لما قدمناه. و قال المازري: اختلف العلماء في الخضر هل هو ولي أو نبي؟فقال الأكثرون: هو نبي، و احتجوا بقول تعالى: وَ مََا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي[2] فدل على أنه نبي يوحى إليه و بأنه أعلم من موسى، و يبعد أن يكون ولي أعلم من نبي، و أجاب الآخرون بأنه يجوز أن يكون اللّه تعالى قد أوحى إلى نبي اللّه ذلك الزمان بأن يأمر الخضر بذلك انتهى. و لم ينقل أنه كان مع موسى فكيف يتأتى هذا الجواب و الخضر كان في عصر موسى؟فإن نقل أنه كان معه نبي آخر قيل هذا الاحتمال في الجواب و إلا فلا. فإن قيل: إن يوشع بن نون كان نبيا في زمن موسى، قيل:
هذه القضية كانت قبل نبوته، و أيضا فهو كان مصاحبا لموسى و مرافقه حين لقيا الخضر، و هو الذي أخبر موسى بانسياب الحوت في البحر. و اختلف في كونه مرسلا فقال الثعلبي: الخضر نبي بعثه اللّه بعد شعيب، و هو معمر محجوب عن أبصار أكثر الناس. و قيل: إنه لا يموت إلا في آخر الزمان حين يرفع القرآن. و قصته مع موسى في السفينة و الغلام و القرية طويلة مشهورة، تركناها لطولها و اشتهارها لكن قال السهيل: إن القرية برقة و قيل غير ذلك.
[1] رواه البخاري في العلم: 41، مواقيت: 40. و أبو داود: ملاحم 17. و أحمد: 2/88-121.