و ذلك أنهم كانوا إذا خافوا و باء بلد عشروا كتعشير الحمار قبل أن يدخلوه، و كانوا يزعمون أن ذلك ينفعهم. و قوله [4] تعالى: مَثَلُ اَلَّذِينَ حُمِّلُوا اَلتَّوْرََاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهََا كَمَثَلِ اَلْحِمََارِ يَحْمِلُ أَسْفََاراً أي يثقله حملها و لا ينفعه علمها و كل من يعلم و لم يعمل بعلمه فهذا مثله. و في الحديث [5] «يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور كما يدور الحمار في الرحا فيطيف به أهل النار، فيقولون: ما لك؟فيقول: كنت آمر بالخير و لا آتيه، و أنهى عن الشر و آتيه» و الأقتاب الأمعاء واحدها قتب بالكسر. و قالت العرب: هم يتهارجون تهارج الحمر.
أي يتسافدون. و الهرج كثرة النكاح. يقال: بات يهرجها ليله جميعا. و روى الحافظ أبو نعيم عن أبي الزاهرية، عن كعب الأحبار قال: يمكث الناس بعد يأجوج و مأجوج في الرخاء و الخصب و الدعة عشر سنين حتى إن الرجلين ليحملان الرمانة الواحدة بينهما، و يحملان العنقود الواحد من العنب، فيمكثون على ذلك عشر سنين، ثم يبعث اللّه ريحا طيبة فلا تدع مؤمنة و لا مؤمنا إلا قبضت روحه، ثم يبقى الناس بعد ذلك يتهارجون تهارج الحمر في المروج، حتى يأتي أمر اللّه و الساعة، و هم على ذلك. و قالوا «بال الحمار فاستبال أحمرة» . أي [6] حملهن على البول، يضرب في تعاون القوم على ما يكره. و قالوا [7] : «اتخذ فلان حمار الحاجات» . يضرب للذي يمتهن في الأمور. و قالوا: «تركته جوف حمار» [8] أي لا خير فيه. و قالوا: «أصبر من حمار» . [9] و قالوا:
«شر المال مالا يذكى و لا يزكى» [10] أشاروا بذلك إليه. و قالوا «ما بقي منه إلا قدر ظمء حمار» [11] . لأنه أقصر الحيوان ظمأ. الجوهري في مادة عشا قال الشاعر:
غدونا غدوة سحرا بليل # عشاء بعد ما انتصف النهار
قصدناها حمارا ذا قرون # أكلنا اللحم و انفلت الحمار
و في معنى هذا البيت وجهان أحدهما أنّا أتعبناه حتى أكلنا لحمه لشدة الإضرار به من العدو ثم انفلت. و الثاني إنا ذبحناه فأكلناه أكلا لم يبق منه شيء فكأنه انفلت. و قوله: ذا قرون أي مسنا قد أتت عليه قرون من الدهر. و قالوا [12] : «أذل من حمار مقيد» . قال الشاعر: