responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 1  صفحه : 302

الحق جل جلاله إلى الجور، و التصرف الذي ليس بمرضي، و ظهر ذلك فحوى قوله: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نََارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ* [1] و مراده على ما قاله الأئمة المحققون، من المفسرين و غيرهم، أن الزام العظيم الجليل بالسجود للحقير من الجور و الظلم فهذا وجه كفره لعنه اللّه. و قد أجمع المسلمون قاطبة على أن من نسب ذلك للحق تعالى كان كافرا. و اختلف هل كان قبل ابليس كافر أو لا فقيل: لا و إنه أول من كفر. و قيل: كان قبله قوم كفار و هم الجن الذين كانوا في الأرض انتهى و قد اختلف أيضا في كفر ابليس، هل كان جهلا أو عنادا؟على قولين لأهل السنة و الجماعة و لا خلاف، أنه كان عالما باللّه تعالى قبل كفره فمن قال: انه كفر جهلا، قال: انه سلب العلم الذي كان عنده عند كفره و من قال: إنه كفر عنادا قال: إنه كفر و معه علمه. قال ابن عطية:

و الكفر مع بقاء العلم مستبعد إلا أنه عندي جائز لا يستحيل مع خذلان اللّه تعالى لمن يشاء و روى البيهقي في شرح الأسماء الحسنى في آخر باب قوله تعالى: مََا كََانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاََّ أَنْ يَشََاءَ اَللََّهُ [2]

عن عمر بن ذر قال: سمعت عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى يقول لو أراد اللّه أن لا يعصى لم يخلق ابليس. و قد بين ذلك في آية من كتابه و فصلها، علمها من علمها، و جهلها من جهلها، و هي قوله‌ [3] تعالى: مََا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفََاتِنِينَ `إِلاََّ مَنْ هُوَ صََالِ اَلْجَحِيمِ ثم روى من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال لأبي بكر: يا أبا بكر لو أراد اللّه أن لا يعصى ما خلق ابليس انتهى و قال رجل للحسن: يا أبا سعيد أ ينام ابليس؟فقال: لو نام لوجدنا راحة فلا خلاص للمؤمن منه إلا بتقوى اللّه تعالى. و قال في الإحياء قبيل بيان دواء الصبر: من غفل عن ذكر اللّه تعالى، و لو في لحظة فليس له في تلك اللحظة قرين إلا الشيطان. قال تعالى: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمََنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطََاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [4] و قال عليه الصلاة و السلام: «إن اللّه تعالى يبغض الشاب الفارغ» لأن الشاب إذا لم يشغل ظاهره بمباح يستعين به على دينه عشش الشيطان في قلبه و باض و فرخ، ثم تزدوج أفراخه أيضا و يبيض و يفرخ مرة أخرى و هكذا يتوالد نسل الشيطان توالدا أسرع من توالد سائر الحيوانات لأن طبعه من النار و النار، إذا وجدت الحلفاء اليابسة، كثر توالدها فلا تزال تتوالد النار من النار و لا تنقطع البتة، فالشهوة في نفس الشاب للشيطان كالحلفاء اليابسة للنار و لذلك قال الحسين الحلاج: هي نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.

فائدة:

ذكر بعض العلماء العاملين أن اللّه تعالى افترض على خلقه فريضتين في آية واحدة، و الخلق عنها غافلون فقيل له: و ما هي؟فقال: قال الجليل جل جلاله‌ إِنَّ اَلشَّيْطََانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا [5] فهذا أمر منه سبحانه لنا بأن نتخذه عدوا فقيل له: كيف نتخذه عدوا و نتخلص منه؟فقال: اعلم ان اللّه تعالى جعل لكل مؤمن سبعة حصون. فالحصن الأول من ذهب، و هو معرفة اللّه تعالى، و حوله حصن من فضة و هو الايمان به تعالى و حوله حصن من حديد و هو التوكل عليه جل و علا، و حوله حصن من حجارة، و هو الشكر و الرضا عنه عز شأنه، و حوله حصن من


[1] سورة ص: الآية 56.

[2] سورة الأنعام: الآية 111.

[3] سورة الصافات: الآية 163.

[4] سورة الزخرف: الآية 36.

[5] سورة فاطر: الآية 6.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 1  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست