نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 1 صفحه : 293
تُكَذِّبََانِ*[1] و الثقلان: الإنس و الجن، سميا بذلك لأنهما ثقلا الأرض و قيل: لأنهما مثقلان بالذنوب. و قال [2] تعالى: وَ لِمَنْ خََافَ مَقََامَ رَبِّهِ جَنَّتََانِ و لذلك قيل: إن من الجن مقربين و أبرارا، كما أن من الإنس كذلك. و بهذه الآية استدل الجمهور، على أن الجن المؤمنين، يدخلون الجنة و يثابون، كما يثاب الإنس. و خالف أبو حنيفة و الليث في ذلك، فقالا ثواب المؤمنين منهم أن يجاروا من النار. و خالفهما الأكثرون حتى أبو يوسف و محمد و ليس لأبي حنيفة و الليث حجة سوى قوله [3] تعالى: وَ يُجِرْكُمْ مِنْ عَذََابٍ أَلِيمٍ و قوله [4] تعالى: فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلاََ يَخََافُ بَخْساً وَ لاََ رَهَقاً قالا: فلم يذكر في الآيتين ثوابا سوى النجاة من العذاب. و الجواب من وجهين أحدهما أن الثواب مسكوت عنه، و الثاني أن ذلك من قول الجن و يجوز أن يكونوا لم يطلعوا إلا على ذلك، و خفي عليهم ما أعد اللّه لهم من الثواب و قيل: إنهم إذا دخلوا الجنة لا يكونون مع الإنس، بل يكونون في ربضها. و في الحديث عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: «الخلق كلهم أربعة أصناف: فخلق في الجنة كلهم و هم الملائكة، و خلق كلهم في النار و هم الشياطين و خلق في الجنة و النار و هم الجن، و الإنس لهم الثواب و عليهم العقاب» . و هو موقوف على ابن عباس رضي اللّه عنهما، و فيه شيء و هو أن الملائكة لا يثابون بنعيم الجنة. و من المستغربات، ما رواه أحمد بن مروان المالكي الدينوري في أوائل الجزء التاسع من المجالسة عن مجاهد، أنه سئل عن الجن المؤمنين أ يدخلون الجنة؟فقال: يدخلونها و لكن لا يأكلون فيها و لا يشربون بل يلهمون التسبيح و التقديس، فيجدون فيهما ما يجد أهل الجنة من لذيذ الطعام و الشراب، و يدل لعموم بعثته صلى اللّه عليه و سلم من السنة أحاديث منها ما روى مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال [5] :
أعطيت جوامع الكلم، و أرسلت إلى الناس كافة» و فيه من حديث جابر رضي اللّه عنه «و بعثت إلى كل أحمر و أسود» [6] و في كتاب «خير البشر بخير البشر» للامام العلامة محمد بن ظفر، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لأصحابه، و هو بمكة: «من أحب منكم أن يحضر الليلة أمر الجن فلينطلق معي فانطلقت معه، حتى إذا كنا بأعلى مكة خط إلي خطا، ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن، فغشيه اسودة كثيرة و حالت بيني و بينه، حتى ما أسمع صوته ثم انطلقوا يتقطعون كما يتقطع السحاب ذاهبين حتى بقي منهم رهط، ثم أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال:
ما فعل الرهط؟قلت: هم أولئك يا رسول اللّه. قال: فأخذ عظما و روثا فأعطاهم إياه و نهى أن يستطيب أحد بعظم أو روث» [7] و في اسناده ضعف، و فيه أيضا عن بلال بن الحارث رضي اللّه عنه، قال: نزلنا مع النبي صلى اللّه عليه و سلم في بعض أسفاره بالعرج، فتوجهت نحوه فلما قاربته سمعت لغطا و خصومة رجال، لم أسمع لغة أحد من ألسنتهم، فوقفت حتى جاء النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو يضحك،