responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 1  صفحه : 123

شككت أنه قد مات فقال بعضنا لبعض: تقدموا فما جسر أحد منا، فتقدمت أنا، فلما أردت أن أضع إصبعي على أنفه، فتح عينيه فكدت أن أموت فزعا، و تأخرت إلى خلفي، فتعلقت قبيعة [1]

السيف بالعتبة، و عثرت فاندق السيف فكاد أن يدخل في لحمي، فخرجت و طلبت سيفا غيره، ثم رجعت فوقفت عنده، فوجدته مات بلا شك. فشددت لحييه، و غمضته و سجيته، و أخذ الفراشون تلك الفرش الثمينة، ليردوها إلى الخزانة، و ترك وحده في البيت، فقال لي أحمد بن أبي دؤاد القاضي: إنا نشتغل بعقد البيعة، فاحفظه حتى يدفن، فرجعت و جلست عند الباب، فسمعت بعد ساعة حركة أفزعتني، فدخلت فإذا بجرذون قد جاء فاستل عينيه فأكلهما. فقلت: لا إله إلا اللّه هذه العين التي فتحها من ساعة، فعثرت و اندق سيفي هيبة لها.

و توفي الواثق بسر من رأى في رجب سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين و هو ابن ست و ثلاثين سنة و أشهر و كانت خلافته خمس سنين و تسعة أشهر و كان أبيض مليحا، يعلوه اصفرار، حسن اللحية، في عينيه نكتة، عالما أديبا جيد الشعر، شجاعا مهابا حازما، فيه جبروت كأبيه سامحهما اللّه تعالى.

خلافة جعفر المتوكل‌

ثم قام بالأمر بعده أخوه جعفر المتوكل. بويع له بالخلافة بسر من رأى، يوم موت أخيه الواثق، بعهد منه في ذي الحجة سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين، فرفع المحنة بخلق القرآن، و أظهر السنة، و أمر بنشر الآثار النبوية، و ذكر [2] ابن خلكان في ترجمته أنه قال: ركبت إلى دار الواثق، في مرضه الذي مات فيه لأعوده، فجلست في الدهليز أنتظر الإذن، فبينما أنا جالس إذ سمعت النياحة عليه، و إذا ايداخ و محمد بن عبد الملك الزيات‌ [3] يأتمران في أمري، فقال محمد: نقتله في التنور، و قال إيداخ‌ [4] . بل ندعه في الماء البارد حتى يموت، و لا يرى عليه أثر القتل، فبينما هما على ذلك، إذا جاء أحمد بن أبي دؤاد القاضي، فدخل و حدثهما كلاما لا أعقله، لما داخلني من الخوف، و شغل القلب بإعمال الحيلة في الهرب. فبينما أنا كذلك، و إذا بالغلمان يتعادون و يقولون: انهض يا مولانا، فلم أشك أني داخل لأبايع ولد الواثق ثم ينفذ في ما قدر، فلما دخلت بايعوني فسألت عن الحال فأعلمت أن ابن أبي دؤاد كان سبب ذلك.

ثم إن المتوكل قتل إيداخ بالماء البارد و ابن الزيات في التنور. قال: و هذا من أغرب الاتفاق و عجيب الظفر، و من العجب أيضا، أن محمد بن عبد الملك الزيات، هو الذي صنع التنور ليعذب فيه الناس، فعذبه اللّه فيه. و كان التنور من حديد داخله مسامير غير مثنية، و كان يسجر بحطب الزيتون، حتى يصير كالجمر، ثم يدخل الإنسان فيه. نسأل اللّه العافية في الدنيا و الآخرة.


[1] قبيعة السيف: ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد.

[2] هو وزير المعتصم ثم الواثق، له معرفة بالأدب و الشعر. نكبه المتوكل فمات سنة 233 هـ-.

[3] إيداخ أو إيتاخ هو حاجب الواثق.

[4] وفيات الأعيان: 1/350 و ما بعد.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 1  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست