responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 35

الحصر من فوت درك الحاجة. و الناس لا يعيرون الخرس، و لا يلومون من استولى على بيانه العجز. و هم يذمون الحصر، و يؤنبون العيّ، فإن تكلفا مع ذلك مقامات الخطباء، و تعاطيا مناظرة البلغاء، تضاعف عليهما الذم و ترادف عليهما التأنيب. و مماتنة العيّ الحصر للبليغ المصقع، في سبيل مماتنة المنقطع المفحم للشاعر المفلق‌ [1] ، و احدهما ألوم من صاحبه، و الألسنة إليه أسرع.

و ليس اللجلاج‌ [2] و التمتام، و الألثغ و الفأفاء، و ذو الحبسة و الحكلة [3]

و الرتة [4] و ذو اللفف‌ [5] و العجلة، في سبيل الحصر في خطبته، و العييّ في مناضلة خصومه، كما أن سبيل المفحم عند الشعراء، و البكي‌ [6] عند الخطباء، خلاف سبيل المسهب الثرثار، و الخطل المكثار.

ثم اعلم-أبقاك اللّه-أن صاحب التشديق و التقعير [7] و التقعيب من الخطباء و البلغاء مع سماجة التكلف، و شنعة التزيد، أعذر من عييّ يتكلف الخطابة، و من حصر يتعرض لأهل الاعتياد و الدربة. و مدار اللائمة و مستقر المذمة حيث رأيت بلاغة يخالطها التكلف، و بيانا يمازجه التزيد. إلا أن تعاطي الحصر المنقوص مقام الدرب التام، أقبح من تعاطي البليغ الخطيب، و من تشادق الأعرابي القح و انتحال المعروف ببعض الغزارة في المعاني و الألفاظ، و في التحبير و الارتجال، إنه البحر الذي لا ينزح، و الغمر الذي لا يسبر، أيسر من انتحال الحصر المنخوب إنه في مسلاخ‌ [8] التام الموفر، و الجامع


[1] الشاعر المفلق: الشاعر المجيد المبدع.

[2] اللجلاج: الذي يتصف بثقل اللسان و نقص الكلام.

[3] الحكلة: كالعجمة، عدم إبانة الكلام.

[4] الرتة: العجلة في الكلام.

[5] اللفف: البطء بالكلام.

[6] البكي‌ء: القليل الكلام.

[7] التقعير: إخراج الكلام من قعر الفم و مثله التقعيب.

[8] المنخوب: الجبان الضعيف القلب. و المسلاخ: الجلد.

نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست