نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 300
قال: و رأيت الناس يتداولون رسالة يحيى بن يعمر [1] ، على لسان يزيد ابن المهلب: «إنّا لقينا العدوّ فقتلنا طائفة و أسرنا طائفة، و لحقت طائفة بعراعر الأودية و اهضام الغيطان، و بتنا بعرعرة الجبل، و بات العدو بحضيضه» . قال:
فقال الحجاج: ما يزيد بأبي عذر هذا الكلام. فقيل له: إن معه يحيى بن يعمر! فأمر بأن يحمل إليه فلما أتاه قال: أين ولدت؟قال: بالأهواز. قال: فأنّى لك هذه الفصاحة؟قال: أخذتها عن أبي.
عراعر الأودية: أسافلها. و عراعر الجبال: أعاليها. و أهضام الغيطان:
مداخلها. و الغيطان: جمع غائط، و هو الحائط ذو الشجر.
و رأيتهم يديرون في كتبهم أن امرأة خاصمت زوجها إلى يحيى بن يعمر فانتهرها مرارا، فقال له يحيى بن يعمر: «أ إن سألتك ثمن شكرها و شرك، أنشأت تطلّها و تضهلها» .
قالوا: الضهل: التقليل. و الشكر: الفرج. و الشبر: النكاح. و تطلها:
تذهب بحقها، يقال دم مطلول. و يقال بئر ضهول، أي قليلة الماء.
قال: فإن كانوا إنما رووا هذا الكلام لأنه يدل على فصاحة فقد باعده اللّه من صفة البلاغة و الفصاحة. و إن كانوا إنما دوّنوه في الكتب، و تذاكروه في المجالس لأنه غريب، فأبيات من شعر العجاج و شعر الطّرمّاح و أشعار هذيل، تأتي لهم مع حسن الرصف على أكثر من ذلك. و لو خاطب بقوله: «أ إن سألتك ثمن شكرها و شبرك أنشأت تطلها و تضهلها» الأصمعي، لظننت أنه سيجهل بعض ذلك. و هذا ليس من أخلاق الكتاب و لا من آدابهم.
قال أبو الحسن: كان غلام يقعّر في كلامه، فأتى أبا الأسود الدؤلي
[1] يحيى بن يعمر فقيه لغوي سمع أبا هريرة و ابن عمر و أخذ النحو عن أبي الأسود الدؤلي، ولاه قتيبة بن مسلم قضاء خراسان، توفي سنة 129 هـ. و قد وجه الرسالة إلى الحجاج بن يوسف الثقفي.
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 300