و قالت أخت يزيد بن الطثريّة [1] :
أرى الأثل من بطن العقيق مجاوري # قريبا و قد غالت يزيد غوائله
فتى قد قد السيف لا متضائل # و لا رهل لبّاته و بآدله [2]
فتى لا يرى خرق القميص بخصره # و لكنما توهي القميص كواهله
إذا نزل الأضياف كان عذوّرا # على الحيّ حتى تستقلّ مراجله [3]
مضى و ورثناه دريس مفاضة # و أبيض هنديا طويلا حمائله [4]
يسرّك مظلوما و يرضيك ظالما # و كل الذي حملته فهو حامله
أخو الجدّ إن جدّ الرجال و شمروا # و ذو باطل إن شئت ألهاك باطله [5]
يصير هذا الشعر و ما أشبهه مما وقع في هذا الباب، إلى الشعر الذي في أول الفصل.
[مدح اللسن و البيان و الكلام الجميل المعدل]
باب شعر و غير ذلك من الكلام مما يدخل في باب الخطب.
قال الشاعر:
عجبت لأقوام يعيبون خطبتي # و ما منهم في موقف بخطيب
و قال آخر:
إن الكلام من الفؤاد و إنما # جعل اللسان على الفؤاد دليلا
لا يعجبنّك من خطيب قوله # حتى يكون مع البيان أصيلا
[1] هو يزيد بن سلمة بن عامر، و الطثرية أمه نسبت إلى حي الطثر من اليمن، توفي سنة 126 هـ. و اسم أخته الشاعرة زينب.
[2] اللبة: المنحر. البادلة: اللحم بين الإبطين.
[3] العذور: السيئ الخلق. تستقل: تحمل و ترفع.
[4] المفاضة: الدرع الواسعة. الدرع الدريس: الخلق.
[5] هذه الجملة الأخيرة ليست للجاحظ، على الأرجح لأنها بعيدة عن أسلوبه.