و قد حكي عن أبي زيد وأبي عبيدة ويونس أن ( الدّهر ) و ( الزّمان ) و ( الزّمن ) و ( الحين ) يقع على محدود ، وعلى عمر الدّنيا من أوّلها إلى آخرها . قال الأعشى شعرا :
لعمرك ما طول هذا الزّمن * على المرء إلَّا عناء معن
يريد به الوقت الممتد وقيل في قوله تعالى : * ( ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَه بَعْدَ حِينٍ ) * [ سورة ص ، الآية : 88 ] أراد يوم بدر وقيل : أريد به القيامة . وجميع ما حكيناه عند الفحص يدلّ على أنّ المراد به تبع لمقصود المتكلَّمين . فإذا قال : لم ألقك منذ حين وهو يريد تبعيد الوقت ، علم ذلك بالحال أو القرينة ، وكذلك لو قال : أعطيك حقّك بعد حين ، وأراد : تقريب الوقت . و إذا حلف الحالف على حين ، فإن كان من أهل المعرفة بالحين أخذ بقوله ، وإن لم يكن من أهلها حمله الإمام على أعرف الأوقات فيه عند العامة ، واستظهرنا بعد الحالين في الوجود . و قال شرقي الزّمن عندهم شهران - والزّمين شهر واحد . وقيل : الزّمان ستة أشهر - والزّمن أربعة أشهر - والزّمين شهران - والحرس كمال السّنة ما بين أولها إلى آخرها . وقال غيره : الحرس ما بين الحين إلى السنة . وقال الخليل : الحرس وقت من الدّهر دون الحقب . قال شعرا :
و عمرت حرسا دون مجرى داحس * لو كان للنّفس اللَّجوج خلود
ويقال : شيء محروس ، أي عليه حرس ، ويقال : أحرس بالمكان ، أقام حرسا . قال : و علم أحرس فوق عنز - والعنز أكمة صغيرة . و البرهة عشر سنين . وقال الخليل للبرهة : حين من الدّهر طويل - والعصر عشرون سنة . وقيل : العصر لا يكون إلَّا لما سلف . وقوله تعالى : * ( والْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) * [ سورة العصر ، الآية : 1 ، 2 ] قال ابن الكلبي : هو الدّهر كلَّه الماضي والمؤتنف ، وقد قيل : عصر وأعصر وعصور . قال : كر اللَّيالي واختلاف الأحصر . وقال آخر : أبعصور من بعد تلك عصور ، والعصران الغداة والعشيّ . و الأشدّ ثلاثون سنة ، وقيل : هو لما بين ثلاث وثلاثين إلى تسع وثلاثين . قال الشيخ : تحقيقه بلوغ نهاية القوّة والشّباب . واختلف في بنائه ، فمنهم من يقول : هو جمع وواحدة شد ومثله ضب واضب . ومنهم من يقول هو واحد ومثله من الأبنية قولهم آنك وهو الأسرب وقولهم آجر . وقال سيبويه : افعل ليس من أبنية الواحد . وهذان أعجبان عند أصحاب العربية . و السبت من الدّهر ثلاث مائة سنة ، وقال بعضهم : السبت أربعون سنة وأنشده :