الله جلّ وعزّ
عرشاً فقال : (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ
وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) [النَّمل : ٢٣]. قلت : والعرش
في كلام العرب
أيضاً : سَقْف البيت ، وجمعه عروش
؛ ومنه قول
الله جلّ وعزّ : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ
عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) [البَقَرَة : ٢٥٩] قال الكسائي في قوله : (وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى
عُرُوشِها) : على أركانها. وقال غيره من أهل اللغة : على سقوفها ،
أراد أنَّ حيطانها قائمةٌ وقد تهدَّمت سقوفُها فصارت في قرارها ، وانقعرت الحيطان
من قواعدها فتساقطت على السقوف المتهدِّمة قبلها. ومعنى الخاوية والمنقعرة واحد ،
يدلُّك على ذلك قولُ الله عزوجل في قصة قوم عاد : (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ
نَخْلٍ خاوِيَةٍ) [الحَاقَّة : ٧] ، وقال في موضع آخر يذكر هلاكهم أيضاً : (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) [القَمَر : ٢٠] ، فمعنى الخاوية والمنقعر في الآيتين واحد ، وهي المنقلعة
من أصولها حتَّى خَوَى مَنبِتها. ويقال انقعرت الشجرةُ ، إذا انقلعت ، وانقعر
البيت ، إذا انقلعَ من أصله فانهدم. وهذه الصفة في خراب المنازل من أبلغ الصِّفات.
وقد ذكر الله جلّ وعزّ في موضع آخر من كتابه ما دلَّ على ما ذكرته ، وهو قوله : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ
الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) [النّحل : ٢٦] أي قلع أبنيتَهم من أساسها ، وهي القواعد ، فتساقطت سقوفُها
وعَلتها القواعد وحيطانُها وهم فيها. وإنما قيل للمنقعر خاوٍ لأنَّ الحائط إذا
انقلعَ من أُسِّه خَوَى مكانُه ، أي خلا. ودارٌ خاوية ، أي خالية.
وقال بعضهم في
قوله : (وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى
عُرُوشِها) [البَقَرَة : ٢٥٩] أي خاوية عن عروشها لتهدُّمها ، جعل على بمعنى عن ، كما قال الله تعالى : (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى
النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) [المطفّفِين : ٢] أي اكتالوا عنهم لأنفسهم.
وقال ابن
الأعرابي أيضاً : العرش
: بناءٌ فوق
البئر يقوم عليه الساقي. وأنشد :
أكلَّ يومٍ عَرشُها مَقيلي
قال : والعرش : المُلْك ، يقال ثُلَ عرشُه
، أي زالَ مُلكه
وعزُّه. قال زهير :
تداركتما
الأحلافَ قد ثُلّ عرشُها
وذِبْيانَ
إذْ زَلَّت بأقدامها النعلُ
قلت : وقد
رأيتُ العرب تسمِّي المَظَالَّ التي تُسوَّى من جريد النَّخل ويُطرَح فوقَها
الثُّمامُ عُروشاً ، والواحد منها
عريشٌ ، ثم يُجمَع عُرُشاً ، ثم عروشاً جمعُ الجمع. ومنه حديث ابن عمر أنّه كان يقطع التلبيةَ
إذا نظرَ إلى عروش
مكّة ، يعني
بيوت أهل الحاجة منهم. ومنه حديث سعدٍ أنه قال : «تمتّعنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفلانٌ كافرٌ
بالعُرُش» ، يعني وهو
مقيمٌ بعروش مكَّة ـ وهي بيوتها ـ في حال كفره.
ويقال للحظيرة
التي تسوَّى للماشية تُكنُّها من البرد : عريش.
وقال ابن شميل
: الإعراش : أن تُمنع الغنم أن ترتع ؛ وقد أعرشتها ، إذا منعتَها أن ترتع. وأنشد :