اعلم أن الطاء
حرف مجهور مستعل ، يكون أصلا وبدلا ، ولا يكون زائدا.
فإذا كان أصلا
وقع فاء وعينا ولاما ، فالفاء نحو : طبل وطحن ، والعين نحو : فطر وخطب ، واللام
نحو : قرط وقرط. [١]
وأما البدل فإن
تاء «افتعل» إذا كانت فاؤه صادا أو ضادا أو طاء أو ظاء ، يقلب طاء البتة ، لا بد
من ذلك ، كما لا بد من إعلال نحو : قال وباع البتة ، وذلك قولك من الصبر اصطبر ،
ومن الضرب اضطرب ، ومن الطرد اطّرد ، ومن الظهر اظطهر بحاجتي.
وأما اطّرد
فليس الإبدال فيه من قبل الإدغام ، وإنما هو لأن قبلها حرفا مطبقا ، ألا ترى إلى
اصطبر واضطرب واظطهر مبدلا ولا إدغام فيه.
وأصل هذا كله
اصتبر واضترب واطترد واظتهر ، ولكنهم لمّا رأوا التاء بعد هذه الأحرف ، والتاء
مهموسة ، وهذه الأحرف مطبقة [٢] ، والتاء مخفتة ، قربوها من لفظ الصاد والضاد والطاء ،
بأن قلبوها إلى أقرب الحروف منهن ، وهو الطاء ، لأن الطاء أخت التاء في المخرج ،
وأخت هؤلاء الأحرف في الإطباق والاستعلاء ، وقلبوها مع الطاء طاء أيضا ، لتوافقها
في الجهر والاستعلاء ، وليكون الصوت متفقا ، ومنهم من يقلب التاء إلى لفظ ما قبلها
، فيقول اصّضبر ومصبّر ، واضّرب ومضّرب ، واظّهر ومظّهر ، وقرأ بعضهم «أن يصّلحا»
، يريد يصطلحا.
ومنهم من إذا
كانت الفاء ظاء أبدل التاء طاء ، ثم أبدل الظاء طاء ، وأدغم الطاء في الطاء ،
فيقول اطّهر بحاجتي ، وظلمته فاطّلم ، وذلك لما بين الظاء والطاء من المقاربة في
الإطباق والاستعلاء ، ومن أجاز هذا القول فقال اطّلم لم يجزه مع الصاد ولا مع
الضاد ، لا تقول في اصطبر : اطّبر ، ولا في اضطرب : اطّرب. وذلك لأن
[١] قرط : قرّط
الصبية ألبسها القرط ، وعلى فلان : أعطاه قليلا قليلا. مادة (قرط).
[٢]الإطباق : أن
ترفع في النطق طرفي اللسان إلى الحنك الأعلى مطبقا فيفخم نطق الحرف ، وحروف
الإطباق هي : «ص ، ض ، ط ، ظ». مادة (طبق). اللسان (٤ / ٢٦٣٧).