نام کتاب : أسرار العربيّة نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 152
فإن قيل : فلم [١] وجب أن يكون [٢] الحال نكرة؟ قيل : لأنّ الحال جرى [٣] مجرى الصّفة للفعل ، ولهذا سمّاها سيبويه : نعتا للفعل
، والمراد بالفعل : المصدر الذي يدلّ الفعل عليه ، وإن لم تذكره [٤] ، ألا ترى أنّ «جاء» يدل على «مجيء» وإذا قلت : «جاء
راكبا» دلّ على «مجيء» موصوف بركوب ، فإذا كان الحال يجري مجرى الصّفة للفعل ـ وهو
نكرة ـ فكذلك وصفه يجب أن يكون نكرة ، وأمّا قولهم : «أرسلها العراك [٥] ، وطلبته جهدك وطاقتك ، ورجع عوده على بدئه» [٦] فهي مصادر ، أقيمت مقام الحال ؛ لأنّ التّقدير «أرسلها
تعترك [٧] ، وطلبته تجتهد» و «تعترك» و «تجتهد» جملة من الفعل والفاعل في موضع الحال
، كأنّك قلت : «أرسلها معتركة ، وطلبته مجتهدا» إلّا أنّه أضمر ، وجعل المصدر
دليلا عليه ، وهذا كثير في كلامهم. وذهب بعض النّحويّين إلى أنّ قولهم : «رجع عوده
على بدئه» منصوب ؛ لأنّه مفعول «رجع» لأنّه يكون متعدّيا ، كما يكون لازما ؛ قال
الله تعالى : (فَإِنْ رَجَعَكَ
اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ)[٨] فأعمل «رجع» في الكاف التي للخطاب ، فقال : رجعك / الله
/ [٩] ؛ فدلّ على أنّه يكون متعدّيا. وممّا يدلّ على أنّ الحال لا يجوز أن يكون
معرفة أنّها لا يجوز أن تقوم مقام الفاعل في ما لم يسمّ فاعله ؛ لأنّ الفاعل قد
يضمر ، فيكون معرفة ، فلو جاز أن يكون الحال معرفة ؛ لما امتنع ذلك ، كما لم يمتنع
في ظرف الزّمان والمكان ، والجارّ والمجرور ، والمصدر على ما بيّنّا ؛ فافهمه تصب
، إن شاء الله تعالى.
[٥] أرسلها العراك :
جملة من بيت للبيد بن ربيعة العامريّ ، أحد أصحاب المعلّقات ، أدرك الإسلام ، وهجر
الشّعر ؛ له ديوان شعر مطبوع. مات سنة ٤١ ه. وأمّا البيت ، فهو :
فأرسلها العراك ولم يذدها
ولم يشفق على نغص الدّخال
المفردات الغريبة : أرسلها : الضّمير
للإبل ، أو الأتن. لم يذدها : لم يمنعها.
النّغص : عدم الاستطاعة في إتمام المراد.
الدّخال : دخول بعير ـ قد شرب مرّة ـ في الإبل الواردة ؛ ليشرب معها. (أسرار
العربية : ١٩٣ ـ / حا ٧).
موطن الشّاهد : (أرسلها العراك).
وجه الاستشهاد : وقوع «العراك» مصدرا
أقيم مقام الحال ؛ لما أوضحه المؤلّف في المتن.