و هم جند لهم أبدان و أجسام و مناكب و كواهل و هامات و لحى و شوارب و أصوات هائلة و لغات فخمة تخرج من أجواف منكرة.
و بعد، فإني أتفاءل إلى المشرق إلى مطلع سراج الأرض و مصباح الخلق.
فلما بلغ اللّه إرادته من بني أمية و بني العباس، أقام أهل خراسان مع خلفائهم على أسكن ريح و أحسن دعة و أشدّ طاعة و أكثر تعظيما لسلطان و أحمد سيرة في رعيته، تتزين عندهم بالحسن و يستتر منهم بالقبح، إلى أن كان من قضاء اللّه و رأى خلفاؤنا الاستبدال بهم و تصيير التدبير لغيرهم. و لا نذكر ما جرى بعد ذلك و اللّه المستعان.
و قال قحطبة بن شبيب لأهل خراسان: قال محمد بن علي بن عبد اللّه: يأبى اللّه أن يكون شيعتنا إلّا أهل خراسان. لا ننصر إلّا بهم و لا ينصرون إلّا بنا. انه يخرج من خراسان سبعون ألف سيف مشهور، قلوبهم كزبر الحديد و أسماؤهم الكنى و أنسابهم القرى، يطيلون شعورهم كالغيلان، جعابهم قصرت كعابهم.
يطوون ملك بني أمية طيا و يزفّون الملك إلينا زفا. و أنشد لعصابة الجرجرائي:
الدار داران: إيوان و غمدان* * * و الملك ملكان: ساسان و قحطان
و الناس فارس و الإقليم بابل* * * و الإسلام مكة و الدنيا خراسان
و الجانبان العتيدان اللّذا خشيا* * * منها بخارا و بلخ الشا و أرّان
قد ميّز الناس أفواجا و رتّبهم* * * فمر زبان و بطريق و دهقان
و لخراسان طيب الهواء، و عذوبة الماء، و صحة التربة، و عذوبة الثمرة و احكام الصنعة و تمام الخلقة و طول القامة و حسن الوجوه، و فراهة المركب من البراذين و الإبل و الشهاري و الحمير، و جودة السلاح و الدروع و الثياب.
و هم أهل التجارب و أصبرهم على البؤس و أقلّهم تنعّما و خفضا. [فأهل خراسان جنّة للمسلمين دون الترك] [1] و هم يثخنون فيهم القتل و الأسر و بهم يدفع