فلما انصرفنا أخذ الأدلّاء بنا ناحية خراسان، و كان الملك يسمى اللب، ثم خرجنا من ذلك الموضع و صرنا إلى موضع يقال له طبانوين و هو صاحب الخراج فأقمنا عندهم أياما و سرنا من ذلك الموضع حتى وردنا سمرقند في ثمانية أشهر، و وردنا إلى اسبيشاب و عبرنا نهر بلخ ثم صرنا إلى أشروسنة و إلى بخارا و إلى ترمذ ثم وصلنا نيسابور و مات من الرجال الذين كانوا معنا و من مرض منهم في الذهاب اثنان و عشرون رجلا. من مات منهم دفن في ثيابه و من مرض خلّفناه مريضا في بعض القرى. و مات في المرجع أربعة عشر رجلا.
فوردنا نيسابور و نحن أربعة عشر رجلا- و كان أصحاب الحصون زوّدونا ما كفانا- ثم صرنا إلى عبد اللّه بن طاهر فوصلني بثمانية آلاف درهم و وصل كل رجل معي بخمس مائة درهم. و أجرى للفارس خمسة دراهم و للراجل ثلاثة دراهم في كل يوم إلى الري. و لم يسلم من البغال التي كانت معنا إلّا ثلاثة و عشرون بغلّا.
و وردنا سرّ من رأى فدخلت على الواثق فأخبرته بالقصة و أريته الحديد الذي كنت حككته من الباب. فحمد اللّه و أمر بصدقة يتصدق بها و أعطى الرجال كل رجل ألف دينار. و كان وصولنا إلى السدّ في ستة عشر شهرا و رجعنا في اثني عشر شهرا و أيام [1].
[1] كان دي خويه قد ترك فراغا حين بدأ بقصة سلام الترجمان في طبعه لمختصر البلدان. و يبدو أنه لم يجد فائدة في كتابتها لأنها موجودة في المسالك و الممالك الذي طبعه هو ضمن مسلسل المكتبة الجغرافية. و قد آثرنا نحن كتابتها هنا فنقلناها عن ابن خرداذبه فهو المصدر الأول لكل من روى تلك الرحلة. (انظر المسالك و الممالك 162- 170).