المشرق و استقباله الصبا. فإن في ذلك صلاح الأبدان لسرعة طلوع الشمس و مرّها عليهم. و أن توسع البيوت و يرفع سمكها و تكون أبوابها إلى المشرق. لأن ريح الجنوب أشدّ حرا و أثقل و أسقم.
و أصح البلدان ما كانت على رؤوس الجبال و الأماكن التي تواجه مهبّ الصبا. و ما كان في قعور و أغوار و مواجهة لريح الجنوب أو الدبور، فهي مواضع رديئة مولدة للأمراض.
و الصواب أن تتخذ الدور بين الماء و المشرق و أن تكون شرقية، و البساتين غربية. و من قرب منزله من النهر كان أقل انية ممن [102 أ] بعد عنه. و قالوا:
لتكن دوركم شرقية و ضياعكم غربية. و قال ابن كلدة: جميع خصال الدار، أن تكون على طريق نافذ و ماؤها يخرج، و ليس عليها متشرّف، و حدودها لها، و تكون بين الماء و السوق. و تصلح أفنيتها لحط الرجال و بلّ الطين و موقف الدواب. و إن كان لها بابان فذلك أمثل.
و كان إياس بن معاوية يقول: شرقي كل بلد خير و أفضل من غربيه.
و كان يقال: الجار ثم الدار، كما الرفيق قبل الطريق.
و قال يحيى بن خالد: دار الرجل دنياه. فينبغي أن يتنوّق في دهليزه فإنه وجه داره و منزل ضيفه و مجلس صديقه إلى أن يؤذن له. و مستراح خدمه و موضع مؤدب ولده و منتهى حدّ المستأذن.
و لما قدم موسى بن جعفر على المهدي، كلّمه في ردّ فدك. فقال له: أنا ناظر في ذلك، و لكن أين حدودها؟ قال: أما الأول فعريش مصر. و الثاني: دومة الجندل. و الثالث: أحد، و الرابع: سيف البحر. فقال المهدي: هذه الدنيا كلها.
فقال موسى بن جعفر: هذا كان في أيدي اليهود، فأفاءه اللّه على رسوله (صلى اللّه عليه و سلم)[1].
[1] توجد رواية أخرى لهذا الخبر في بحار الأنوار 48: 144 و فيه ان هذه المسألة جرت بين هارون الرشيد و موسى بن جعفر- الإمام السابع للشيعة الاثني عشرية- و أما الحدود