و قال ابن الكلبي: سميت البردان التي فوق بغداد بأربعة فراسخ بردانا لأن ملوك الفرس كانوا إذا أتوا بالسبي فنقّوا شيئا منه قالوا: برده. أي ذهبوا به إلى القرية البردان فسميت بذلك. قال: و كانت بردان الكوفة لوبرة بن رومانس أخي النعمان بن المنذر لأمّه فمات و دفن فيها. و لذلك قال مكحول بن حارية يرثيه:
فما الدنيا بباقية لحيّ* * * و ما حيّ على الدنيا بباق
لقد تركوا على البردان قبرا* * * و همّوا للتفرّق بانطلاق
قال: و أنشدني الهيثم بن عيسى الكاتب لبعضهم:
كفى حزنا و الحمد لله أنني* * * ببغداد قد أعيت عليّ مذاهبي
أصاحب من لا أستلذّ صحابه* * * و آلف قوما لست فيهم براغب
و لم أثو في بغداد حبا لأهلها* * * و لا أنّ فيها مستفادا لطالب
سأرحل عنها قاليا لسراتها* * * و أتركهم ترك الملول المجانب
فإن ألجأتني النائبات إليهم* * * فأير حمار في حر أمّ النوائب
و قال آخر:
اركب ببغداد و جوّل بها* * * و اقصد لمن شئت من الناس
تجده من كان إذا جئته* * * مستترا عنك بإفلاس
يبدي لك الفقر و يطوي الغنى* * * منك و يدنيك من الياس
يخضع في المنطق من بخله* * * و قلبه كالحجر القاسي
و أنشد لمطيع بن إياس:
حبّذا عيشنا الذي زال عنا* * * حين نلنا المنى و لا حبّذا ذا
أين هذا من ذاك سقيا لها* * * ذاك، و لسنا نقول سقيا لهذا
زاد هذا الزمان شرا و عرّا* * * عندنا إذ أحلّنا بغداذا
بلدة تمطر التراب على النا* * * س كما تمطر السماء الرذاذا