فقال الخليل بن هشام [1]: اكتبوا ما شئتم و لا تنسوا خذلان علي و قتل الحسين (عليهما السلام).
فقال العباس: لقد أمسكنا عن مساوئكم و قلنا بأحسن ما حضرنا من أمركم، فأتيتم الآن تهيجونا على أنفسكم، كقول الأخطل: [11 ب]
ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت* * * فدلّ عليها صوتها حيّة البحر
قال أحمد بن يوسف: يا أمير المؤمنين. هو أعلم بمآثر الكوفة و مفاخرهم مني. و أنا أعلم بمعايب أهل البصرة و الطعن عليهم منه. فقال: قل ما أحببت.
فقال أحمد: ما شاء اللّه و لا حول و لا قوة إلّا بالله. إنّا وجدنا أهل البصرة فتقوا في الإسلام فتوقا و ابتدعوا من الضلالة بدعا، و بنوا من الباطل منارا. إثم ذلك في أعناقهم، و عارة باق في أعقابهم. و لو استقصينا القول في ذلك كان كثيرا. و لكنّا نذكر بعض ما لا يجوز تركه، و نترك ما يستغنى عن ذكره. فكان من ذلك: إنهم أول شهود ردت شهادتهم في الإسلام. و هم شبل بن معبد البجلي و نافع بن الحارث و أبو بكرة نفيع بن مسروح [2] حين شهدوا على المغيرة بن شعبة، فحدّهم عمر بن الخطاب. و منهم أول قسّامة شهدت على زور و باطل، و ذلك عند الجواب حين قالت عائشة رضي اللّه عنها- و قد سمعت نباح كلاب الحوأب: أي مكان هذا؟ فقيل لها الحوأب. فقالت: ردّوني،
فإني سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) يقول: أي نسائي تنبحها كلاب الحوأب.
فجاء خمسون شيخا ممن تلقاها من البصريين فحلفوا لها ما هو الحوأب. و منهم أول ساع سعى و غماز غمز و هو أبو
[1] شقيق أحمد بن هشام واحد رجالات دولة المأمون و قادة الجيش، ولي له قم و الجبل و أصفهان و آذربيجان، ثم غضب عليه المأمون و صادر أمواله و سلاحه و قتله بعد ذلك عام 217 ه بعد ما بلغه عن ظلمه و أخذه الأموال .... (ابن الأثير 6: 257، 399، 420، 421).
[2] في الأصل: و أبو بكرة و نفيع. و التصحيح من (عبد اللّه بن سبأ 1: 232) حيث فصّل هذه الواقعة تفصيلا.