النيل، و آخر عمل مصر من حدّ النوبة أسوان، و دمقلة مدينة النوبة و بينهما مسيرة أربعين ليلة.
و من عيوب مصر أنها لا تمطر، و يكرهون المطر، و اللّه عزّ و جلّ يقول:
وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ و من عيوبها الريح الجنوب التي يدعونها المريسيّة، و ذلك أنهم يسمّون أعلى الصعيد إلى بلد النوبة مريس، فإذا هبّت الريح المريسيّة ثلاثة عشر يوما تباعا اشترى أهل مصر الأكفان و الحنوط، و أيقنوا بالوباء القاتل و الفناء العاجل نسأل اللّه العافية. و من عيوبها اختلاف هوائها، لأنه في يوم واحد يختلف عليهم أهوية برد و حرّ، و إذا أجدبوا انقرضوا لأنه ليست لهم ميرة من وجه من الوجوه، و الناس من عندهم يمتارون فإذا انقطعت من عندهم فنوا نسأل اللّه العافية. و هم قتلوا عثمان بن عفّان و عليّ بن أبي طالب و عميرا المأمونيّ. و نساء أهل مصر و القبط ضدّ نساء خراسان، لأن نساء خراسان يلدن أذكارا، و نساء القبط لا يكاد يرى منهن إلّا مئناث، و تلد الاثنين و الثلاثة و الأربعة، و لا نعلم ناسا في الأرض أكثر ذكرانا من آل أبي طالب.
و تربة مدينة الرسول (عليه السلام) طيّبة و الغالية و الطيب بها يزداد على العبق و طول الأيّام طيبا، و الغالية الثمينة الخطيرة بالأهواز تنقلب في أيّام يسيرة، و حمّاها على الصغير منهم و الكبير لا تزايله حتى على المولود ساعة يولد
قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم): «إن مصر ستفتح بعدي فانتجعوها و لا تتّخذوها دارا فإنه يساق إليها أعجل الناس أعمارا»
فحمّاها أخبث من حمّى الأهواز، و وباؤه أشدّ من ذلك.
و قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم): «انتجعوا خيرها و اسكنوا غيرها، فإنها معدن السحر و الزنا و دار الفاسقين، و لا تغسلوا رؤوسكم بطينها الأسود، فإنه يميت القلب و يكثر الهمّ، و يذهب بالغيرة نعوذ بالله منه».
قال: و كشف عن حجر بمصر فإذا فيه كتابة:
ويلك يا مصر خرابك سيلك، ملوكك غرباء لا يسود منك فيك و لا منك في غيرك. و قال وهب المعافريّ: إذا رأيتم منبر الفسطاط قد حوّل عن مكانه فتحوّلوا منها. و قال عبد اللّه بن عمرو بن العاص: ليأتينّ على الناس زمان قتب على جمل دبر خير من دار بمصر، و قال يحيى بن محفوظ: خلق اللّه العقل و خلق معه المكر