و اللّه ما يقعدني عن ذلك خوف من الموت و لا كراهة له، و لكن لا أجد لي فسحة [2] في تسليطك على نفسي، و لولا ذلك لأتيتك حتى تريحني من هذه الدنيا الكدرة.
و يقول فيها:
هبني لا ثأر لي عندك و عند آبائك المستحلين لدمائنا، الآخذين حقنا، الذين جاهروا [3] في أمرنا فحذرناهم، و كنت ألطف حيلة منهم بما استعملته من الرضى بنا و التستر لمحننا، تختل واحدا فواحدا منا، و لكني كنت امرأ حبب إليّ الجهاد، كما حبب إلى كل امرئ بغيته [4] ، فشحذت سيفي، و ركبت سناني على رمحي، و استقرهت فرسي، لم أدر أيّ العدوّ أشد ضررا على الإسلام، فعلمت أن كتاب اللّه يجمع كل شيء، فقرأته فإذا فيه: يََا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا قََاتِلُوا اَلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ اَلْكُفََّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً[5] .
فما أدري من يلينا منهم، فأعدت النظر، فوجدته يقول: لاََ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ يُوََادُّونَ مَنْ حَادَّ اَللََّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كََانُوا آبََاءَهُمْ أَوْ أَبْنََاءَهُمْ أَوْ إِخْوََانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ[6] فعلمت أنّ عليّ أن أبدأ بما قرب مني.
و تدبرت فإذا أنت أضر على الإسلام و المسلمين من كل عدو لهم، لأن الكفار خرجوا منه و خالفوه فحذرهم الناس و قاتلوهم، و أنت دخلت فيه ظاهرا فأمسك الناس و طفقت تنقض عراه عروة عروة، فأنت أشد أعداء الإسلام ضررا عليه.