و توفي بهمن و كان ملكه مائة و اثنتي عشرة سنة، و قيل ثمانين سنة.
ثم ملكت بعده ابنته خماني، و اختلفوا في سبب تمليكها. فقال بعضهم: إنما ملكوها لعقلها و نجدتها و إحسان أبيها إليهم.
و قال آخرون: كانت حاملا من أبيها بهمن بدار [1] الأكبر، فسألت أباها أن يعقد له التاج و هو في بطنها، ففعل. و كان ساسان من امرأة أخرى، و كان حينئذ رجلا ينتظر الملك لا يشك فيه، فلما فعل أبوه ذلك لحق بإصطخر و تزهد و تعبد في رءوس الجبال، و اتخذ غنيمة، فكان يتولاه بنفسه [2].
و قيل: إن خماني ولدت بعد أشهر من ملكها، فأخفت من إظهار الولد، فجعلته في تابوت، و صيّرت معه جوهرا نفيسا، و أجرته تحت نهر من أنهار إصطخر، و قيل من أنهار بلخ، فوقع التابوت إلى رجل طحان من أهل إصطخر، فأخذه و رباه، و ظهر أمره حين شب، و أقرت خماني بإساءتها إليه و تعريضها إياه للتلف، فلما تكامل امتحن فوجد على غاية ما يكون عليه أبناء الملوك، فحولت التاج عن رأسها إليه، و تقلد أمر المملكة، و تنقلت خماني إلى فارس، و بنت مدينة إصطخر، و قمعت الأعداء، و منعتهم من بلادها، و أغزت أرض الروم، فسبى سبي كثير، فأمرت أن يبنى لها في كل موضع بنيانا منيفا، فأحد ذلك البنيان في مدينة إصطخر.
و الثاني على المدرجة التي يسلك فيها إلى دار بجرد على فرسخ من المدينة [3].
[و الثالث على أربعة فراسخ منها في المدرجة التي تسلك فيها إلى خراسان.