نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 393
كثير عددهم، و كذبتموني، ثم أمر بهم و بالأمناء الذين بعث ليخبروه خبرهم، فقتلوا جميعا، ثم قال: ما أدري ما أصنع بهؤلاء القوم، إني لأستقلهم عن المحاربة، و أرى إن رادني أن أقاتلهم.
فأرسل إلى أسا، فقال: أين صديقك الّذي كنت تعدنا به، أ فتضعون أيديكم في يدي فأمضي فيكم حكمي، أو تلتمسون قتالي.
فأجابه أسا فقال: يا شقي إنك لست تعلم ما تقول، أ تريد أن تغالب ربك بضعفك، أم تريد أن تكاثره بقلتك؟ فاجتهد يا شقي بجهدك حتى تعلم ما ذا يحل بك.
فأمر زرح الرماة أن يرموهم، فردتها الملائكة عليهم، فأصابت كل رام نشابته، و تراءت الملائكة للخلق، فلما رآهم زرح وقع الرعب في قلبه و قال: إن أسا لعظيم كيده، ماض سحره، و كذلك بنو إسرائيل، حيث كانوا لا يغلب سحرهم ساحر، و به ساروا في البحر، ثم نادى في قومه: هلموا سيوفكم و احملوا عليهم حملة واحدة.
فسلوا سيوفهم فقتلتهم الملائكة فلم يبق غير زرح و نسائه و رقيقه.
فلما رأى ذلك ولى مدبرا و هو يقول: إن أسا ظهر علانية، و أهلكني صديقه سرا، إني كنت انظر إلى أسا و من معه لا يقاتلون و الحرب واقعة في قومي.
فلما رأى أسا أن زرحا قد ولى، قال: اللَّهمّ إنك إن لم تخل بيني و بينه استنفر علينا قومه ثانية. فأوحى اللَّه إليه: إنك لم تقتل من قتل منهم و لكني قتلتهم، [فقف مكانك، فإنّي لو خليت بينك و بينهم أهلكوكم جميعا، إنما يتقلب] [1] زرح في قبضتي، و إني قد وهبت لك و لقومك عساكره و ما فيها من فضة و متاع و دابة، فهذا أجرك إذا اعتصمت بي.