نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 392
و جعل علماء بني إسرائيل يدعون اللَّه و يقولون: اللَّهمّ أجب اليوم عبدك فإنه قد اعتصم بك وحدك و لا تخل بينه و بين عدوك، و اذكر حبه إياك، و فراقه أمه.
فألقى اللَّه عليهم النوم و هو في مصلاه ساجدا ثم أتاه آت من اللَّه تعالى، فقال له:
يا أسا إن الحبيب لا يسلم حبيبه، و إن اللَّه تعالى يقول: إني قد ألقيت عليك محبتي، و وجب لك نصري، و أنا الّذي أكفيك عدوك، فإنه لا يهون [من توكل] [1] عليّ، و لا يضعف من تقوّى بي، كنت تذكرني في الرخاء، و أسلمك في الشدائد، و كنت تدعوني آمنا، و أسلمك خائفا، أقسم لو كايدتك السموات/ و الأرض بمن فيهن لجعلت لك من جميع ذلك مخرجا، فإنّي معك، و لن يخلص إليك و لا إلى من معك أحد.
فخرج أسا من مصلاه و هو يحمد اللَّه، مسفرا وجهه، فأخبرهم بما قيل له فصدقه المؤمنون و كذبه المنافقون.
فقدم رسل من زرح فدخلوا إيلياء و معهم كتب إلى أسا فيها شتم له و لقومه، و تكذيب باللَّه، و كتب فيها: أن ادع صديقك فليبارزني بجنوده.
فلما قرأها دخل مصلاه، و نشرها بين يدي اللَّه تعالى، ثم قال: اللَّهمّ ليس بي شيء من الأشياء أحب إليّ من لقائك، غير أني أتخوف أن يطفأ هذا النور الّذي أظهرته في أيامي هذه.
فأوحى اللَّه إليه أنه لا تبديل لكلماتي، و لا خلف لموعدي، فاخرج من مصلاك، ثم مر خيلك أن تجتمع، ثم أخرج بهم و بمن اتبعك حتى تقفوا على نشز [من الأرض] [2].
فخرج فأخبرهم الخبر و ما قيل له، فخرج اثنا عشر رجلا من رءوسهم، مع كل رجل [منهم] [3] رهط من قومه، و ودّعوا أهاليهم وداع من لا يرجع إلى الدنيا، و وقفوا على رابية من الأرض فأبصرهم زرح، قال: إنما نهضت من بلادي و أنفقت أموالي لمثل هؤلاء، ثم دعا بالنفر الذين قدموا عليه يشكون من أسا و قومه، فقال: زعمتم أن قومكم