قال وهب بن منبه: كان ملك من ملوك بني إسرائيل يقال له «أسا بن [3] أبيّا»، و كان رجلا صالحا. و كان [ملك] [4] من ملوك الهند يقال له «زرح»، و كان جبارا فاسقا يدعو الناس إلى عبادته. و كان أسا لما ملك بعث مناديا فنادى: ألا إن الكفر قد مات و أهله، و عاش الإيمان و أهله، و انتكست الأصنام و عبادتها، و ظهرت طاعة اللَّه و أعمالها، فليس كافر من بني إسرائيل يطلع رأسه بعد اليوم بكفر في ولايتي إلا قتلته. فإن الطوفان لم يغرق الدنيا و أهلها، و لم يخسف القرى بمن فيها، و لم تمطر الحجارة و النار من السماء إلا بترك طاعة اللَّه و إظهار معصيته، فمن أجل ذلك يعمل بها و لا تترك طاعة إلا أظهرنا جهدنا، حتى تطهر الأرض من نجسها و ننقيها من دنسها، و نجاهد من خالفنا في ذلك بالحرب و النفي من بلادنا.
فلما سمع قومه ذلك ضجّوا و كرهوا [5]، فأتوا أمه [6] فشكوا إليها فعله، فأتته فعاتبته على ذلك و وبخته إذ دعا قومه إلى ترك دينهم.
فغضب و دعاها إلى الصواب فأبت، فقال: إن قولك هذا قد قطع ما بيني و بينك.
ثم أمر بإخراجها و تغريبها، و قال لصاحب شرطته ان هي ألمت بهذا المكان فاقتلها.
فلما رأى قومه ما فعل بأمه ذلوا و أذعنوا له بالطاعة و احتالوا له بكل حيلة، فحفظه
[1] سقطت هنا أخبار داود عليه السلام، و لقمان الحكيم، و سليمان عليه السلام، و قد سقطت أيضا من المختصر، و مما يدل على أن المصنف لم يغفل ذكرها أن سبطه ذكر في قصة داود في مرآة الزمان 1/ 484 إشارة جده إلى حادثة من الحوادث في المنتظم.
و قد ذكرها ابن الجوزي في مختصرة.
[2] تاريخ الطبري 1/ 517، و عرائس المجالس 328، و مرآة الزمان 1/ 539.
و ما بين المعقوفتين مكانه في الأصل بياض، و ما أوردناه من المختصر.
[3] «أسا»: ضبطه ابن خلدون بضم الهمزة و فتح السين المهملة و ألف بعدها.