نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 325
فأخذ بأنفاسهم، فدخلوا أجواف البيوت، فدخل عليهم فخرجوا إلى البرية، فبعث اللَّه عليهم سحابة فأظلتهم من الشمس، فوجدوا بردا و لذة، فنادى بعضهم بعضا حتى إذا اجتمعوا تحتها أرسل اللَّه عليهم نارا فأحرقتهم، فذلك عذاب يوم الظلة.
قال أبو الحسين بن المنادي [1]: و كان أبو جاد، و هواز، و حطي، و كلمون، و سعفص، و قريشات بني الأمحض بن جندل بن يعصب بن مدين بن إبراهيم ملوكا.
و كان أبو جاد ملك مكة و ما والاها من تهامة، و كان هواز و حطي ملكي وج، و هو الطائف. و كان سعفص و قريشات ملكي مدين، ثم خلفهم كلمون، و كان عذاب يوم الظلة في ملكه، فقالت حالفة بنت كلمون- و في رواية: أخت كلمون- ترثيه [2]:
كلمون هدّ ركني * * * هلكه وسط المحلّه
سيّد القوم أتاه * * * الحتف نارا وسط ظلّه
كويت نارا فأضحت * * * دارهم كالمضمحلّه
ثم إن شعيبا مكث في أصحاب الأيكة باقي عمره يدعوهم إلى اللَّه سبحانه و يأمرهم بطاعته و توحيده و الإيمان بكتابه و رسله، فما زادهم دعاؤه إلا طغيانا، ثم سلط عليهم الحرّ. فجائز أن تكون الأمتان اتفقتا في التعذيب.
و قد قال قتادة: أما أهل مدين فأخذتهم الصيحة، و أما أصحاب الأيكة، فسلط عليهم الحرّ سبعة أيام، ثم بعث اللَّه عليهم نارا فأكلتهم، فذلك عذاب يوم الظلة.
فأما قوله تعالى: وَ إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً[3]. فقال سعيد بن جبير: كان أعمى [4]. و هذا إن ثبت فقد كان في آخر عمره.
قال أبو روق: لم يبعث اللَّه نبيا أعمى و لا به زمانة.
قال أبو الحسين بن المنادي: و هذا القول أليط بالقلوب من قول سعيد بن جبير.