الحمد للّه اللطيف بخلقه، و الشكر للّه الكريم برزقه. المدح للّه على أحكامه في قسمه، المانّ على خلقه بنعمه. و صلى اللّه على سيدنا محمد سيد المرسلين، و خاتم النبيين. و رضي اللّه تعالى عن الآل و الصحب و التابعين و تابعيهم باحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فلما رأيت غالب أماكن الخير الموقوفة بدمشق الشام اندرست، و بعضها أخذت الأيام بهجتها و البقاع انطمست، سنح لي أن أشرع في جمع تراجم تحيى لها ذكرا، و تذيع لطيّ عرفها بين الأنام نشرا، فإذا شيخنا الامام العالم المؤرخ المحقق المدقق محيي الدين أبو المفاخر عبد القادر بن محمد النعيمي [1] الشافعي قد سبقني إلى جمع ذلك، و لم يبق في استيعابه طريقا للسالك، متع اللّه المسلمين بحياته، و أعاد علينا و عليهم من جزيل بركاته، و لكنها عنده في مسودّتها إلى الآن، فسألته في تبييضها على طول الزمان، فتعلل بضعف الحال، و همّ العيال، ثم أمرني بتعليق ذلك ناسجا على منواله، فقابلت أمره بامتثاله، غير أني ربما اختصرت تراجم متصدريها الأعلام، اعتمادا على الطبقات و تواريخ الاسلام، و ها أنا أشرع فيما أراد مستعينا برب العباد فأقول: قد روينا في مسند الفردوس [2] و غيره من رواية يونس بن