وما قيل : من أنّ مدلول الحروف إذا كان عرضاً نسبياً فهو بذاته مرتبط بموضوعه ، فلا حاجة إلى جعل الهيئة لذلك ، مدفوع بأنّ مدلول الهيئة يفصّل ما دلّ عليه الحروف مجملا[ 1 ] .
قلت : إنّ الصدر مخالف لما في الذيل ; حيث أفاد في صدر كلامه : أنّ مداليل الحروف من قبيل الأعراض النسبية ـ أي غير الكمّ والكيف من الأعراض قاطبة ـ فهي وجودات رابطية مستقلاّت في المفهومية ، وأنّ مداليل الهيئات عبارة عن ربط الأعراض بموضوعاتها ـ أي وجودات رابطة متدلّية الذوات ، غير مستقلّة المفاهيم ـ ولكن ما في الجواب يصرّح وينادي بتساويهما في المفهوم والمعنى ، وأنّ الفرق بالإجمال والتفصيل فقط .
أضف إلى ذلك : أنّ ما رامه خلف من القول ، وانحراف عمّا أخذه أئمّة الأدب والاُصول خطّة مسلّمة ; من كون معاني الحروف غير مستقلّة في المفهومية ، وأ نّها لاتكون محكوماً عليها ولابها ، ولاتقع طرف الربط ، وقد أشرنا إليه في تحقيق المختار[ 2 ] .
وما اختاره من كون معانيها هي الأعراض النسبية والوجودات الرابطية عين القول بالوجود المحمولي والاستقلال في المفهوم .
ثمّ ليت شعري : أنّ الحـروف الإيجاديـة ـ كحروف النداء ـ وشبهها ـ كحروف القَسم ـ كيف تحكي عـن الأعراض النسبية ، مع حكمـه كلّياً بأنّ الحروف كلّها حاكيات عـن الأعراض النسبية ؟ مع بداهـة أنّ القائل في قوله :
[1] بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 43 و 50 ـ 51 . [2] تقدّم في الصفحة 32 .