قبل وجود علّته ، أو وجود أحد المتلازمين قبل الآخر .
وبالجملة : المقدّمات المفوّتة غير واجبة قبل وجوب ذيها على مبنى المشهور ، مع أ نّه لايمكن تحصيلها بعد تحقّق ذيها ، والمكلّف في تركها ذو عذر وجيه ، ولا مناص على قولهم إلاّ القول بوجوبها التهيّئي أو التمسّك بإلزام العقل بتحصيلها ; وإن كانت غير واجبـة ; لأنّ الامتناع بالاختيار لاينافي الاختيار ، والكـلّ كما ترى[ 1 ] .
وفيه : أنّ ذلك توهّم محض ، حصل من حديث نشوء إرادة من اُخرى ، وتولّد بعث من آخر ، وقد عرفت[ 2 ] أنّ وجوب المقدّمة لايكون ناشئاً من وجوب ذيها ، ولا إرادتها من إرادته .
أ مّا الأوّل : فلعدم التلازم بين البعث إلى شيء والبعث إلى مقدّمته ، بل ربّما لايكون للمولى بعث إلى المقدّمات .
وأ مّا الثاني : فلما قدّمنا[ 3 ] من أنّ الإرادة بقول مطلق إنّما تحصل عن مبادئها المحرّرة في محلّها ، ولايعقل بضرورة البرهان جواز كون إرادة مبدأ لوجود إرادة اُخرى . ومعنى كون هذه الإرادة غيرية هو أنّ الآمر لمّا رأى توقّف ما هو مطلوبه على شيء آخر فلا محالة يريد المتوقّف عليه لأجل حصوله .
وحينئذ لا مانع ـ لو لم نقل أ نّه المتعيّن ـ أن نختار أنّ المقدّمة واجبة بالوجوب الغيري ; وإن لم يكن هناك واجب نفسي ، وأ نّها مراده بالإرادة الغيرية ; لوجود ملاك المقدّمية فيها ; وإن لم تتحقّق الإرادة الفعلية النفسية بالنسبة إلى ذي
[1] بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 349 ، نهاية الأفكار 1 : 301 . [2] تقدّم في الصفحة 284 . [3] تقدّم في الصفحة 283 ـ 284 .