وبالجملة : أنّ الإنشاء وإن كان للتوصّل إلى المبعوث إليه لكن في الواجب المشروط يكون إنشاء الإيجاب على تقدير الاستطاعـة في الأمر بالحجّ ـ مثلا ـ إنّما هو لأجل التوصّل إلى إيجاده على هذا التقدير لا قبله .
وأ مّا الفائدة في هذا الإنشاء مع عدم فعلية الحكم فإنّما تسأل عنها في الخطابات الشخصيـة القائمة بمخاطب واحد ، وتصوّرها فيها بمكان من الإمكان ، لا في القوانين الكلّية المتعلّقة بكلّ مكلّف بخطاب واحد وجعل فارد ، وسيوافيك في محلّه بيان كيفية جعل القانون الكلّي[ 1 ] .
وحينئذ : فالمشرّع المقنّن لمّا رأى اختلاف المكلّفين بين واجد للشرط حين الخطاب وفاقد له لم ير بدّاً ومناصاً سوى الإنشاء على العناوين الكلّية على فرض تحقّق الشرط ; حتّى ينبعث من هو واجد وقت الخطاب ، وينتظر مَن هو فاقد .
أضف إلى ذلك : أنّ الإشكال ـ على فرض صحّته ـ مشترك الورود ; لأ نّه إن أراد من فعلية الحكم أ نّه يجب تحصيله فعلا ، وفي زمن صدور الخطاب ; وإن كان الشرط غير موجود فهو خارج من كونه مشروطاً ، وإن أراد أ نّه يجب تحصيله في ظرفه وبعد حصول شرطه فأيّ وجه لطلبه فعلا .
مع أ نّه لم يرد إيجاده في آن البعث ، فإن قال : إنّه لأجل الإعلان حتّى ينبعث في محلّه فنحن نقول مثله .
ومنها : أنّ وجوب المقدّمة قبل وجوب ذي المقدّمـة ممتنع ; لأنّ وجوبها ناش من وجوبه ، وعلى فرض التلازم بين الإرادتين تكون إرادة المقدّمـة ناشئة مـن إرادة ذيها ، ولو كانت المقدّمة واجبـة قبل وجـوب ذيها لزم وجـود المعلول