إذا عرفت ذلك : يتّضح لك أنّ وجوب المشروط قبل تحقّق شرطه ليس فعلياً ، كما هو ظاهر تعليق الهيئة ، وإنشاء البعث على تقدير لايمكن أن يكون بعثاً حقيقياً إلاّ على ذلك التقدير ; للزوم تخلّف المنشأ عن الإنشاء ; إذ المفروض أنّ المنشأ إنّما هو الوجوب والإيجاب على تقدير حصول شرطه ، فلا معنى ـ حينئذ ـ للوجوب فعلا مع عدم شرطه .
ونظيره باب الوصية ; إذ إنشاء الملكية على تقدير الموت لايفيد الملكية الفعلية ، بل يؤثّر في الملكية بعد الموت .
هذا ، ولو قلنا : إنّ الإرادة دخيلة في الحكم لاتكون دخالتها إلاّ بنحو كونها منشأً للانتزاع ، وأ مّا كونها نفس الحكم ذاتاً فهو خلاف الضرورة ، وعليه لاينتزع من الإرادة المعلّقة على شيء إلاّ الوجوب على تقدير ، لا الوجوب الفعلي .
فتلخّص : أنّ البعث على تقدير كالإرادة على تقدير لايكون إيجاباً فعلياً ، ولا منشأً له كذلك .
فإن قلت : إنّ الوجوب بما أ نّه أمر اعتباري يصحّ التعليق فيه ، وهذا بخلاف الإرادة ; فإنّها من مراتب التكوين ، وامتناع التعليق في التكوين ضروري . وقولك : إنّ الإرادة هنا على تقدير يوهم ذلك .
قلت : إنّ المراد من الإرادة على تقدير ليس معناه عدم الإرادة فعلا ولا التعليق في نفس الإرادة ، بل المراد إرادة إيجاب شيء من المأمور على تقدير ، فالإرادة التشريعيـة هنا فعليـة ، لكن تعلّق بإيجاب شيء على تقدير ، ولذلك لاينتزع منه الوجوب الفعلي ، بل الوجوب على تقدير ، وهو يساوق الإنشائية .
وبالجملة : تعلّقت إرادة فعلية بالبعث على تقدير ، ففي مثله لاينتزع الوجوب الفعلي ، ففرق بين التقدير في الإرادة أو في إنشاء البعث بها .