الظهر أو العصر مثلا ، لا إتيانه امتثالا للأمر الواجب ; ضرورة سقوطه بإتيان الصلاة الجامعة للشرائط ، ولهذا حكي[ 1 ] عن ظاهر الفقهاء ـ إلاّ من شذّ من المتأ خّرين[ 2 ] ـ تعيّن قصد الاستحباب في المعادة للأمر الاستحبابي المتعلّق بها .
وأ مّا قضية الأوفى بالغرض واختيار أحبّهما إليه وأمثالهما ممّا يتنزّه عنها مقام الربوبي فهي على طبق فهم الناس وحسب محاوراتهم قطعاً .
ثمّ إنّ في كلام بعض محقّقي العصر (رحمه الله) وجهاً آخر لتوجيه الموارد التي توهّم كونها من تبديل امتثال بآخر ، وملخّصه : أنّ فعل المكلّف ربّما يكون مقدّمة لفعل المولى الجوارحي ، كأمره بإحضار الماء ليشربه ، أو الجوانحي كأمره بإعادة الصلاة جماعة ليختار أحبّهما إليه ، فهذه الأفعال أمر بها لتكون مقدّمة لبعض أفعاله .
فحينئذ : إن قلنا بوجوب المقدّمة الموصلة كان الواجب هو الفعل الذي أوصل المولى إلى غرضه الأصلي ، وكان الآخر غير متّصف به ; لعدم إيصاله . فالواجب هو الماء الذي حصل منه الشرب أو الصلاة المعادة التي اختاره ، فليس إلاّ امتثال واحد .
وإن قلنا بوجوب مطلق المقدّمة فعدم إمكان التبديل أوضح ; لسقوط الأمر بالامتثال الأوّل[ 3 ] ، انتهى .
وفيه أ مّا أوّلا : فإنّ جعل الأوامر الشرعية المتعلّقة بأفعال المكلّفين من قبيل الوجوب الغيري دون النفسي ; لحديث كونها مقدّمات إلى الأغراض ممّا لايرضى به أحد . كيف ، وهي من أشهر مصاديق الواجبات النفسية ؟ ! ومعه لا يبقى لما ذكره
[1] الصلاة ، ضمن تراث الشيخ الأعظم(رحمه الله) 7 : 363 . [2] الدروس الشرعية 1 : 223 ، مسالك الأفهام 1 : 311 . [3] بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 263 .