فحينئذ نقول : إن أراد القائل من كون الأمر محرّكاً إلى محرّكية نفسه : أنّ الأمـر الإنشائي المتعلّق بالعنوان المقيّد مـوجب لذلك المحال فقد عرفت أنّ الإنشاء والإيقاع لايحتاج إلى مؤونـة أزيد مـن تصوّر الطرفين ، مع أ نّـه قد أقرّ بصحّـة ذلك الإيقاع .
وإن أراد : أنّ الأمر المحرّك للمكلّف تكويناً محرّك إلى محرّكية نفسه فهو باطل بحكم الأمر الثاني ، وأنّ نسبة التحريك إليه بضرب من التشبيه ; إذ العبد إذا أدرك استحقاق المولى للإطاعة أو خاف من ناره وغضبه ، ورأى أنّ الإطاعة لايحقّق إلاّ بالإتيان بالصلاة المقيّدة فلا محالة يقوم بامتثاله كيف ما أمر .
وأ مّا قوله : إنّ الصلاة غير متعلّقة بالأمر حتّى يأتي بها بقصد أمرها ; لأنّ المفروض أنّ الأمر لم يتعلّق إلاّ بالمقيّد بقصد الأمر ، فالجواب عنه يتوقّف على رفع الحجاب عن كيفية دعوة الأمر في المركّبات والمقيّدات إلى أجزائها وقيودها ، وسنحقّق الحال في ذلك إذا حان حينه عند البحث عن المقدّمات الداخلية[ 1 ] .
ومجمل القول فيه : أنّ الأوامر المتعلّقة بالمركّبات والمقيّدات إنّما تتعلّق بهما بما أ نّهما موضوعات وُحدانية ـ ولو اعتباراً ـ ولها أمر واحد لاينحلّ إلى أوامر متعدّدة ، ولا فرق بينهما وبين البسائط في ناحية الأمر ، فهو بعث وحداني تعلّق بالبسيط أو المركّب والمقيّد .
فالمطابق للبرهان والوجدان هو أنّ البعث في هذه الأقسام الثلاثة على وزان واحد ، لاينحلّ الأمر إلى أوامر ، ولا الإرادة إلى إرادات ; وإن كانت تفترق في انحلال الموضوع في الأوّلين دون الثالث .