وأ مّا قياسه نفي الاحتياج إلى مقدّمات الحكمة على القضية المسوّرة بلفظة «كلّ» فغير صحيح ; إذ عدم الاحتياج في المسوّرة بلفظة «كلّ» ـ وسيوافيك تفصيله في مباحث العموم ـ لأجل بيان لفظي بالنسبة إلى نفس الأفراد دون أحوالها ; إذ سور القضية متعرّض وضعاً لكلّ فرد فرد بنحو الجمع في التعبير ، ومع البيان كذلك لا معنى لإجراء المقدّمات ، بخلاف المقام .
نعم ، هنا إشكال آخر يرد على كلّ من قال بدلالة الأمر على الوجوب أو الندب ـ بأيّ دليل تمسّك ـ ومن قال باستعماله فيهما حقيقة أو مجازاً ; إذ انتزاعهما أو اعتبارهما ـ على الفرق المقرّر في محلّه بين الانتزاعيات والاعتباريات ـ إن كان بلحاظ الإرادة الحتمية أو المصلحة الملزمة في الوجوب وعدمهما في الندب فمن البيّن أنّ ذلك من مبادئ الاستعمال وهو مقدّم بالطبع على الاستعمال ، وإن كان بلحاظ حتمية الطاعة أو عدمها فمن الواضح أ نّهما منتزعتان بعد الاستعمال ، فلا يعقل الاستعمال فيهما على جميع الأقوال .
لكن بعد اللتيا والتي لا إشكال في حكم العقلاء كافّة على تمامية الحجّة على العبد مع صدور البعث من المولى ـ بأيّ دالّ كان ـ وقطع عذره وعدم قبوله باحتمال نقص الإرادة وعدم حتمية البعث وغير ذلك .
ولاريب في حكمهم بلزوم إطاعة الأوامر الصادرة من المولى ، من غير توجّه إلى التشكيك العلمي ; من احتمال كونه صادراً عن الإرادة غير الحتمية ، أو ناشئاً عن المصلحة غير الملزمة .
وليس ذلك لدلالـة لفظية أو لجهـة الانصراف أو لاقتضاء مقدّمات الحكمـة أو لكشفه عن الإرادة الحتمية ، بل لبناء منهم على أنّ بعث المولى لايترك بغير جـواب ، كما لايترك باحتمال الندب . فتمام الموضوع لحكمهم بوجوب