الصنائع وغيرها عيّنوا بإزائها ألفاظاً تفيد معانيها عند الإطلاق .
ولم يكن ذلك الوضع منهم حين وقوفهم على حقائق الأشياء بأجناسها وفصولها ; إذ قلّما يتّفق ذلك لبشر ، إلاّ الأوحدي من الفلاسفة وعلماء الطبيعة ، بل كان العرف الساذج ينتقل من بعض المصاديق إلى جامع ارتكازي يصلح أن يكون جامعاً بين الأفراد ; من الصورة النوعية وغيرها ممّا يصلح وقوعه جامعاً .
وقد أيّدت التجربة : أنّ من اخترع سيّارة أو استكشف حيواناً يشير إلى المصنوع والمستكشف الموجودين بين يديه ، ويسمّيه باسم ، لا بما أ نّه اسم لشخص خاصّ في زمانه ومكانه ، بل يشير بالتوجّه إليه إلى نفس الجامع ويضع اللفظ بإزائه بمعرّفية هذا العنوان من غير نظر إلى خصوصيته الشخصية ، بل لجامعه وطبيعته النوعية .
وبذلك يتّضـح : أنّ الوضـع في غالب تلك الموارد مـن قبيل الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ ; لكون الملحوظ عند الوضع شيئاً خاصّاً والموضوع لـه أمـراً عامّاً .
نعم ، لايلزم تصوّر الجامع تفصيلا والعلم بحقيقته ، بل يكفي تصوّره إجمالا وارتكازاً . فعند ذلك يسوغ للصحيحي أن يدّعي : أنّ الصلاة بحسب ارتكاز أهل الشرع يتبادر منها معنى إجمالي ; وهو الجامع الذي لاينطبق إلاّ على الأفراد الصحيحة ، فلا يكون معنى الصلاة مبهماً ومجهولا في ظرف التبادر . وبذلك يندفع الاستحالة التي ذكرناها .
وهـذا وإن كان يصحّح دعـوى تبادر الصحيح بحسب الإمكان العقلي إلاّ أ نّـه بعـد ممنوع وقوعـاً ; لأنّ الإنصاف أنّ مـن اخترع السيّارة وعيّن لفظاً خاصّاً لها لم ينتقل مـن الفرد الموجـود إلاّ إلى نفس الجامـع الارتكازي ، مـن غير لحـاظ