الجواب عنه واضح بعد ما عرفت الحال فيما
تقدم , اذ المعدوم فى حال العدم لم بتوجه اليه التكليف حتى يرد ما ذكرت بل يتوجه
اليه اذا صار موجودا و تحقق مصداق المستطيع فى ظرفه , فاذا راى المكلف ان كتاب
الله تعالى ينادى بانه يجب الحج على كل مستطيع من دون ان يقيد بما يخصه بالموجودين
و راى نفسه مستطيعا عليه , فلا محالة يرى نفسه مأمورا بالحج لا لاجل جعل الحكم على
المعدوم بل لاجل جعله على العنوان بلا قيد و هو قبل وجوده و استطاعته ليس من الناس
و لا من افراد المستطيع بالضرورة و بعد وجوده و استطاعته يصدق عليه هذان العنوانان
و لازم جعله كذلك , شمول الحكم له , و ( بالجملة ) هذا القسم لا يستلزم جعل الحكم
على المعدوم بل على العنوان الذى لا ينطبق الا على الموجود فاتضح وجه شمول قوله
تعالىالرجال قوامون على النساءو اشباهه الواردة فى الذكر الحكيم و غيره .
المقام الثانى : ما اذا كان من قبيل توجيه
الكلام الى المخاطب سواء كان التوجيه بكلام مشتمل على كاف الخطاب او اداة النداء
ام لغيرهما مما يعد توجيها بالحمل الشايع و ان لم يكن فيه ما يدل وضعا على التخاطب
و الاشكال فى هذا المقام استلزام التعميم للغائب و المعدوم , لزوم مخاطبة المعدوم
و الغائب , و ( و اما حله ) فربما يتمسك هنا ايضا بالقضية الحقيقية لكن ستعرف ضعفه .
و التحقيق فى دفع الاشكال عن هذا القسم , ان
الخطابات القرآنية ليست خطابات شفاهية لفظية بحيث يقال فيها الشخص الشخص , بل
كخطابات كتبية , و مثلها القوانين العرفية الدائرة بين العقلاء , اما كون الثانى
من هذا القبيل فواضح فلان المقنن فى القوانين العرفية و السياسية ( سواء كان شخصا
واحدا ام هيئة و جماعة ) بعد ما احكمها و اثبتها , يتشبث فى ابلاغه و اعلانه ,
بالنشر فى الكتب و الجرائد , و سائر الالات المستحدثة فى هذه الازمنة من المذياع و
غيره , و حينئذ فالفرد الحائز للشرائط من الشعب المأمور بالعمل بها اذا عطف نظره
الى كتاب القانون لاهل وطنه لا يشك انه مامور بالعمل به و ان تأخر عن زمان الجعل
لكثير بل لم يكن موجودا فى ظرف الوضع , ولكن جعل الحكم بصورة الخطاب على الناس فى
قول