قلت : قد عرفت ان اطلاق الجزاء يقتضى ان
يكون بنفسه تمام المتعلق كما ان اطلاق الشرط يقتضى ان يكون مؤثرا مستقلا سبقه شى
اولا و حينئذ فما المرجح لتقديم ظهور الشرط على التالى بعد الاعتراف يكون الظهور
فيهما مستندا الى الاطلاق دون الوضع و لو كان الوجه فى تقديم الشرط معلقية اطلاق
الجزاء بعدم بيان وارد على خلافه , فليكن اطلاق الشرط كذلك لان اثبات تعدد التأثير
يتوقف على عدم ورود بيان على خلافه فى ناحية الجزاء و لنا ان نقول ان حكم العقل
بان الشى الواحد لا يتعلق به ارادتان و بعثان حقيقيان , يكشف عن وحدة المؤثر و
التأثير , فالتقديم ما لم يستند الى مرجح خارجى بلا وجه .
و منها : ما ذكره المحقق المحشى من ان متعلق
الجزاء نفس المهية المهملة فهى بالنسبة الى الوحدة و التعدد بلا اقتضاء , بخلاف
اداة الشرط فانها ظاهرة فى السببية المطلقة و لا تعارض بين المقتضى و اللااقتضاء
انتهى .
و فيه : انه ان اريد من الاقتضاء الظهور
الاطلاقى للمقدم , فهو بعينه موجود فى التالى , و ان اريد ان اطلاق الشرط تام غير
معلق بشى بخلاف اطلاق الجزاء فقد تقدم جوابه , و ان ظهور كل من المقدم و التالى
اطلاقى لا مرجح لتقديم احدهما على الاخر .
نعم هنا تقريب او تقريبان يستفاد من كلام
المحقق الهمدانى فى مصباحه و قد سبقه الشيخ الاعظم , و حاصله ان مقتضى القواعد
اللفظية سببية كل شرط للجزاء مستقلا , و مقتضاه تعدد اشتغال الذمة بفعل الجزاء , و
لا يعقل تعدد الاشتعال الا مع تعدد المشتغل به , فان المسبب الاول سبب تام فى
اشتغال ذمة المكلف بايجاد الجزاء و السبب الثانى ان اثر ثانيا وجب ان يكون اثره
اشتغال آخر , لان تأثير المتاخر فى المتقدم غير معقول , و تعدد الاشتغال مع وحدة
الفعل المشتغل به ذاتا و وجودا غير معقول , و ان لم يؤثر يجب ان يستند اما الى فقد
المقتضى او وجود المانع و الكل منتف لان ظاهر القضية الشرطية سببية الشرط مطلقا و
المحل قابل للتأثير و المكلف قادر على الامتثال فاى مانع من التنجز .