قلت : ان ما ذكروه صحيح لو كان الخطاب شخصيا
قائما بمخاطب واحد فيستهجن خطابه بزجره مثلا عن ارتكاب ما فى الاناء الموجود فى
بلدة قاصيه و اما اذا كان بطريق العموم فيصح الخطاب لعامة المكلفين , لو وجد ملاك
الخطاب اعنى الابتلاء فى عدة منهم كما فى المقام و لذا التزمنا بوجوب الاجتناب فى
محله فيما اذا خرج احد الانائين من محل الابتلائسواء كان قبل العلم ام بعده .
و مما يؤيد ذلك ان الاستهجان المدعى لو صح
فى التكليفية , لصح , فى الوضعية من الاحكام خصوصا على القول بمجعوليتها فيلزم ان
لا يكون الخمر الواقع فى اقاصى البلاد نجسا و ان يكون الاحكام الوضعية نسبية و هو
باطل بضرورة الفقه .
و منها : توهم ان الخطاب لا يعقل ان يتوجه
الى العاجز و الغافل ضرورة ان الخطاب للانبعاث , و لا يعقل انبعاث العاجز و مثله .
و انت خبير ان الخطاب الشخصى الى العاجز و
مثله , لغو , ممتنع صدوره من الملتفت و هذا بخلاف الخطابات الكلية المتوجهة الى
العناوين كالناس و المؤمنين فان مثل تلك الخطابات يصح من غير استهجان اذا كان فيهم
من ينبعث عنها و لا يلزم ان تكون باعثة او ممكنة البعث بالنسبة الى جميعها فى رفع
الاستهجان كما تقدم .
اضف اليه ان الضرورة قائمة بان الاوامر
الالهية شاملة للعصاة لا بعنوانهم , و المحققون على انها شاملة ايضا للكفار مع ان
الخطاب الخصوصى الى الكفار و كذا الى العصاة المعلوم طغيانهم من اقبح المستهجنات ,
بل غير ممكن لغرض الانبعاث فلو كان حكم الخطاب العام كالجزئى لوجب الالتزام بتقييد
الخطابات بغيرهم و كذا الحال فى الجاحل و الغافل و الساهى اذ لا يعقل تخصيص الخطاب
فى مرتبة الانشاء بالعالم الملتفت و ان كان يصح فى مرتبة الانشاء بالعالم الملتفت
و ان كان يصح فى مرتبة الفعلية كما سيأتى فى المباحث العقلية .
و بالجملة لا يصح اخراجهم و لا يمكن توجه
الخطاب الخصوصى اليهم , و قد تقدم ان الجاهل و امثاله معذورون فى مخالفة الحكم
الفعلى و السر فيما ذكرنا مضافا