ان من العسير جدا تحليل اصول الالسنة
المتنوعة المنتشرة فى ارجاء الدنيا و اطراف العالم , و الذى يمكن الاعتماد عليه و
يؤيده العلم و التجربة هو تكامل الانسان قرنا بعد قرن فى شئونه و اطواره , فى
عيشته و حياته , و فى ما يرجع اليه من النواحى الاجتماعية و المدينة , بعد ما كان
خلوا من هذه الجهات الحيوية .
و من تلك النواحى تكثر لسانه و تزايد اقسامه
بل توسع لسان واحد على حسب مرور الزمان و وقوفه امام تنوع الموجودات و المصنوعات ,
فاللسان الواحد كالعربى او العبرى لم يكن فى بدء نشأته الا عدة لغات معدودة تكاملت
على حسب وقوفهم على الاشياء , مع احتياجهم او اشتياقهم الى اظهار ما فى ضمائر هم
الى ان بلغت حدا وافيا , كما هو المشاهد , من المخترعين و اهل الصنعة فى هذه
الايام , نعم تنوع افراده انما هو لاجل تباعد الملل و عدم الروابط السهلة بين
الطوائف البشرية فاحتاج كل فى افهام مقاصده الى وضع الفاظ و تعيين لغات .
و عليه فليس الواضع شخصا واحدا معينا بل
اناس كثيرة على اختلافهم فى العصور و تباعدهم فى الزمان .
و ما عن بعض الاشاعرة من ان الواضع هو الله
تعالى , و قد الهم بها انبيائه و اوليائه مستدلا بلزوم العلاقة بين الالفاظ و
معانيها دفعا للترجيح بلا مرجح , و امتناع احاطة البشر على خصوصيات غير متناهية ,
غير مسموع , اذ المرجح لا ينحصر