وقد نصحت التابع والمتبوع فقلت لهم : يا
أصحابنا ، أنتم أصحاب نقل ، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط : كيف
أقول ما لم يقل.
فإيّاكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه
، ثمّ قلتم في الأحاديث تحمل على ظاهرها ، فظاهر القدم الجارحة ، فإنّه لمّا قيل في
عيسى روح الله اعتقدت النصارى أنّ لله صفة هي روح ولجت في مريم؟! ومن قال : استوى
بذاته فقد أجراه مجرى الحسّيات.
وينبغي أن لا يهمل ما يثبت به الأصل وهو
العقل ، فإنّا به عرفنا الله تعالى وحكمنا له بالقدم ، فلو إنّكم قلتم : نقرأ
الأحاديث ونسكت ، لما أنكر عليكم أحد ، إنّما حملكم إيّاها على الظاهر قبيح.
فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح
السلفي ما ليس منه ، ولقد كسيتم هذا المذهب شيناً قبيحاً ، حتّى صار لا يقال حنبلي
إلاّ المجسّم ، ثمّ زيّنتم مذهبكم أيضاً بالعصبية ليزيد بن معاوية ، ولقد علمتم
أنّ أصحاب المذهب أجاز لعنته ، وقد كان أبو محمّد التميمي يقول في بعض أئمّتكم : لقد
شان المذهب شيناً قبيحاً لا يغسل إلى يوم القيامة » [١].
فهذا حال الحنابلة من أمثال أبي يعلى
وغيره فهم مجسّمة حقيقية ، ويثبتون لله تعالى صفات لا تجوز إلاّ على المخلوقين ، ومن
شاء يرجع إلى طبقات الحنابلة التي ألّفها أبو يعلى ليرى التجسيم طافحاً فيها وفي
تراجمه التي ذكرها.
وبعد أن جاء ابن تيمية زاد الطين بلّة ،
فبدل أن يغسل العار الذي شانه الحنابلة السابقين عن المذهب كحّله بأُمور وطامات
عظيمة ، وإليك نزر يسير من التجسيم في كلمات ابن تيمية :
١ ـ يقول ابن بطّوطة : « وكان بدمشق من
كبار الفقهاء الحنابلة ، تقي الدين