وقال السيّد المرعشي النجفي : « والذي
لا ينكره ذو نظر سليم ، وفهم مستقيم غير منحرف عن جادّة الإنصاف ، أنّه بعد قيام
القرائن الخارجية على أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله
لا يطالب من الناس أجراً لرسالته ، لكون تحمّله لأعباء الرسالة خالصاً لوجه الله
الكريم ومرضاته ، إنّ المصحّح لاستثناء المودّة في القربى عن أجر الرسالة دخولها
في أجر الرسالة شأناً كما بيّننا آنفاً في الاستثناء المنقطع وأنّ المودّة في قربى
رسول الله صلىاللهعليهوآله
أجر لرسالته ، لولا أنّ الرسالة لا تقبل الأجر من الناس ، فتبيّن إنّ مفاد الآية :
أنّ أجر الرسالة لولا كون مقام الرسالة أجل من أن يؤدّي الشاكرون ما يحاذيها من
العوض ، وكون مقام النبيّ صلىاللهعليهوآله
أرفع من سؤال الأجر على تحمّل الرسالة ، وأسنى من تنزيل شأن الرسالة إلى حيث
يقابلها الناس بشيء ممّا يقدرون عليه من الأعواض والأبدال ، وبنى الأمر على ما هو
عليه طريقة العقلاء من مطالبة الأعواض بإزاء المنافع الواصلة منهم إلى الناس ، لا
يكون ممّا طلبه النبيّ صلىاللهعليهوآله
بإزاء رسالته إلاّ المودّة في قرباه ، وقد أمره الله بهذه المطالبة تنبيهاً لجماعة
المسلمين على أمرين :
١ ـ إنّ الاهتمام بالمودّة في قربى رسول
الله صلىاللهعليهوآله
أشدّ عند الله من سائر الحسنات طرّاً ، بحيث كانت هي التي تنبغي مطالبتها أجراً
للرسالة.
٢ ـ بيان شدّة محبّة النبيّ صلىاللهعليهوآله لقرباه ، بحيث لو
بنى على مطالبته من الناس أجراً على رسالته لم يطلب منهم أجراً إلاّ المودّة في
قرباه ، والإحسان إليهم ... » [١]