فثبوت ذلك أسهل
وأوضح دون أيّ مشكلة ، بل أكثر علمائنا أكّدوا على وجوب كون الاستثناء هنا منقطعاً
، لأنّه بذلك يثبت المدّعى بسهولة ويسر ووضوح ، فنقول لبيان ذلك :
قال الشيخ السبحاني : « إنّ مودّة ذي
القربى وإن تجلّت بصورة الأجر ، حيث استثنيت من نفي الأجر لكنّه أجر صوري ، وليس
أجراً واقعياً ، فالأجر الواقعي عبارة عمّا إذا عاد نفعه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولكنّه في المقام
يرجع إلى المحبّ قبل رجوعه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله
، وذلك لأنّ مودّة ذي القربى تجرّ المحبّ إلى أن ينهج سبيلهم في الحياة ، ويجعلهم
أسوة في دينه ودنياه ، ومن الواضح أنّ المحبّ بهذا المعنى ينتهي لصالح المحبّ ....
إنّ طلب المودّة من الناس أشبه بقول
طبيب لمريضه بعدما فحصه وكتب له وصفة : لا أُريد منك أجراً إلاّ العمل بهذه الوصفة
، فإنّ عمل المريض بوصفة الطبيب وإن خرجت بهذه العبارة بصورة الأجر ، ولكنّه ليس
أجراً واقعياً يعود نفعه إلى الطبيب ، بل يعود نفعه إلى نفس المريض الذي طلب منه
الأجر.
وعلى ذلك فلابدّ من حمل الاستثناء على
الاستثناء المنقطع ، فكأنّ يقول : قل لا أسألكم عليه أجراً ، وإنّما أسألكم مودّة
ذي القربى ، وليس الاستثناء المنقطع أمراً غريباً في القرآن ، بل له نظائر مثل
قوله تعالى : (لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلاَّ
سَلاَمًا)[١].
وعلى ذلك جرى شيخ الشيعة المفيد في
تفسير الآية ، حيث طرح السؤال[٢]وقال
: « ... والاستثناء في هذا المكان ليس هو من الجملة ، لكنّه استثناء منقطع ،
ومعناه : قل لا أسألكم عليه أجراً ، لكن ألزمكم المودّة في القربى وأسألكموها » [٣].