قال في كشف الغطاء في البحث عن المقدّمات : انحصار المقدّمة في الحرام بعد شغل الذمّة لا ينافي الصحّة وإن استلزم المعصية [١]. ومراده أنّه إذا عصى بترك المأمور به المضيّق ـ مثلا ـ فأتى بالضدّ فلا ينافي ذلك صحّة ذلك الضدّ إذا كان من العبادات.
قال : وأيّ مانع من أن يقول الآمر المطاع لمأموره : « إذا عزمت على معصيتي في ترك كذا افعل كذا » كما هو أقوى الوجوه في حكم الجاهل بالقصر والإتمام ، فاستفادته من مقتضى الخطاب لا من مقتضى الدخول تحت الخطاب ، فالقول بالاقتضاء ـ أي اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه وعدم الفساد ـ أقرب إلى السداد [٢] انتهى.
وقد ذكرنا هذه العبارة وغيرها في بحث مقدّمة الواجب وبيّنا فسادها وفساد ما قيل في توجيهها وتشييدها من كلمات الشيخ في الحاشية وأخيه في الفصول بيان مشبع [٣] ، فلا نطيل بذكر ما فيها هنا ، بل نشير إجمالا إلى حاصل كلام الفاضل المحشّي ونجيب عنها ، وحاصل كلامه :
أنّ تصادم الأمرين المضيّقين من المستحيلات الأوّليّة ، ولكن مصادمة الأمر المضيّق والأمر الموسّع لا ضير فيها ، لأنّ مرجعه إلى وجوب الموسّع على تقدير العصيان في ترك المضيّق ووجوب المضيّق مطلقا ، وهذا لا عيب فيه ، لأنّه ليس من التكليف بالأمرين في آن واحد ، ولا من التسوية بين المضيّق والموسّع في الوجوب ، بل هو تقديم للمضيّق على الموسّع ثمّ بقاء وجوب الموسّع على تقدير العصيان بترك
[١] كشف الغطاء ١ : ١٧١. [٢] نفس المصدر. [٣] اشارة إلى ما كتبه هذا المقرّر في بحث مقدمة الواجب ولا يوجد لدينا.