نام کتاب : مصادر الوحي وأنواعه في القرآن الكريم نویسنده : الأعرجي، ستار جبر حمّود جلد : 1 صفحه : 14
ونمعن النظر في هذا الوحي فنجد فيه تميُّزا عن كلّ ما يحيط بنا وبمعارفنا ، إنّنا ننجذب فيه إلى حقيقة عميقة تخاطب فينا مكنوناتٍ وخفايا لا تسبر غورها إلاّ قوّة مطلعة على سرائرنا خارجة عن ذواتنا ومستويات عالمنا ، قوّة مهيمنة تحيط بأسرار الوجود كلّه.
لهذه المميزات فإنّ النبوات ، والوحي أساسها ، كانت في مختلف فترات انطلاقها موضعا للجدل والخلاف ؛ لأنّها مثّلت حدثا غير عادي وارتبطت بما وراء هذا العالم من خلال اتصالها بقوى غير منظورة تنتمي إلى عالم مختلف ، ولم تكن مجرد دعوات تغييرية وتشريع جديد ينسخ ما قبله ، فثبت لدينا أن هؤلاء الأنبياء (عرفوا ما لم يعرف بقية البشر بطاقة خفية لاتمت إلى المعارف السائدة بسبب وبالتالي لا سبيل إلى العقل البشري لإدراكها) [١].
ثانيا ـ صلته بالغيب
مثلما يمثّل الوحي بذاته ظاهرة خفية في ماهيتها ، فإنّ معارفه التي جاء بها مما لم يكن للبشر سابق معرفة به.
والغيب : ذهاب الشيء عن الحس ، ومنه «عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ» [٢] ، أي عالم بما غاب عن الحواس وبما حضرها [٣]. ويضيف الراغب الأصفهاني إلى هذا التعريف بُعدا آخَر ، إذ الغيب عنده (ما لا يقع تحت الحواس ، ولا تقتضيه بدائة العقول وإنّما يُعلم بخبر الأنبياء) [٤]. فمعارفه غائبة عن الحس
[١] انظر : محمد رسول اللّه نبي الإنسانية / أحمد حسين : ٦٧. [٢] سورة الرعد : ١٣ / ٩. [٣] انظر : التبيان / الطوسي ٦ : ٢٠١. [٤] المفردات / الراغب : ٣٦٦.
نام کتاب : مصادر الوحي وأنواعه في القرآن الكريم نویسنده : الأعرجي، ستار جبر حمّود جلد : 1 صفحه : 14