ذكر أنّك ترخّص الغناء ، قال : كذب الزنديق ، ما هكذا قلت له ، سألني عن الغناء ، فقلت له : إنّ رجلا أتى أبا جعفر عليهالسلام ، فسأله عن الغناء ، فقال : يا فلان إذا ميّز الله تعالى الحقّ من الباطل ، فأين يكون الغناء؟ فقال : مع الباطل ، فقال : قد حكمت. ومرسلة الفقيه [١] : سأل رجل عليّ بن الحسين عليهماالسلام عن شراء جارية لها صوت ، فقال : « ما عليك لو اشتريتها ، فذكرت الجنة ، يعنى بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء ، وأمّا الغناء فمحظور » ورواية ابن سنان [٢] : « اقرءوا القرآن بألحان العرب وأصواتها ، وإيّاكم ولحون أهل الفسق والكبائر ، فإنّه سيجيء بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية لا يجوز تراقيهم قلوبهم مقلوبة » الحديث.
أقول : في دلالة تلك الأدلّة على حرمة الغناء مطلقا نظر :
أمّا الإجماع ، فالمحقّق منه غير ثابت في المستثنيات المذكورة ، بل كلام المقدّس الأردبيليّ [٣] ، والمحقق الخراساني [٤] ، ووالدي العلّامة [٥] كما عرفت ، يشعر بل يدلّ على وقوع الخلاف فيها ، بل سمعت نقل الشهرة في إباحته في الحداء ، ومخالفة جمع من أعيان الطائفة في زفّ العرائس ، واشتهار فعله في مراثي سيّد الشهداء ، في جميع الأعصار والأمصار من غير نكير غالبا ، حدّا يحصل الجزم بعدم وقوع مثل ذلك الاشتهار ، مع عدم الاستنكار في خلاف الإجماعيات ، بل كان ينبغي أن يكون في الاستنكار مثل ضرب العيدان والقصب والمزامير في مجالس المؤمنين
[١] الفقيه ٤ : ٦٠ ، الباب ٢ ، الرواية ٥٠٩٧. [٢] الكافي ٢ : ٦١٤ ، الحديث ٣ ؛ كان في الأصل : « فقلوبهم مقلوبة » وفي الكافي كما أثبتناه وفي بعض المصادر : « قلوبهم مفتونة » مكان « قلوبهم مقلوبة ». [٣] مجمع الفائدة والبرهان ٨ : ٦١. [٤] كفاية الأحكام : ٨٦. [٥] مستند الشيعة ٢ : ٣٤٤.