وغير خفي أنّ هذا من غرائب ما صدر منه ، فان صاحب النفس الناطقة هو الانسان وهو نوع لا فصل. إذن لا مناص من الالتزام بكون الناطق فصلاً مشهورياً وضع مكان الفصل الحقيقي لتعذر معرفته غالباً بل دائماً.
وأغرب منه ما أفاده قدسسره من أنّ الشيء ليس من العرض العام في شيء ، بل هو جنس الأجناس وجهة مشتركة بين الجميع [١].
وذكر في وجه هذا : أنّ العرض العام ما كان خاصةً للجنس القريب أو البعيد كالماشي والتحيز ، والشيئية تعرض لكل ماهية من الماهيات وتنطبق عليها ، فهي جهة مشتركة بين جميعها ، وليس وراءها أمر آخر يكون ذلك الأمر هو الجهة المشتركة وجنس الأجناس لتكون الشيئية عارضة عليه وخاصّة له ، كما هو شأن العرض العام. وعلى هذا فاللازم من أخذ مفهوم الشيء في المشتق دخول الجنس في الفصل لا دخول العرض العام فيه.
بل قال قدسسره ولم يظهر لنا بعد وجه تعبير المحقق الشريف عنه بالعرض العام وإن ارتضاه كل من تأخر عنه ، ومن البيّن كما يستحيل دخول العرض العام في الفصل كذلك يستحيل دخول الجنس فيه ، لأن لكل واحد من الجنس والفصل ماهية تباين ماهية الآخر ذاتاً وحدّاً ، فلا يكون أحدهما ذاتياً للآخر ، فالحيوان ليس ذاتياً للناطق وبالعكس ، بل هو لازم أعم بالاضافة إليه وذاك لازم أخص ، وعليه فيلزم من دخول الجنس في الفصل انقلاب الفصل إلى النوع وهو محال.
فقد أصبحت النتيجة : أنّ خروج مفهوم الشيء عن مفهوم المشتق أمر ضروري ، سواء أقلنا بأنّ الشيء عرض عام أو جنس ، وسواء أكان الناطق