والوجه فيه : هو أنّ النطق المأخوذ في مفهوم الناطق إن اريد به النطق الظاهري الذي هو خاصة من خواص الانسان فهو كيف مسموع ، فلا يعقل أن يكون مقوّماً للجوهر النوعي. وإن اريد به الإدراك الباطني ـ أعني إدراك الكليات ـ فهو كيف نفساني وعرض من أعراض الانسان أيضاً ، فكيف يكون مقوّماً له ، فانّ العرض إنّما يعرض الشيء بعد تقوّمه بذاته وذاتياته ، وتحصّله بفصله.
وممّا يدل على هذا : أنّهم جعلوا الناهق فصلاً للحمار ، والصاهل فصلاً للفرس ، وكلاهما كيف مسموع ، فلا يعقل أن يقوّم الجوهر النوعي به. ومن هنا ربّما يجعلون لازمين وخاصتين مكان فصل واحد ، فيقولون : الحيوان حساس متحرك بالارادة ، فانّ الحساس والمتحرك بالارادة خاصتان للحيوان ، وليستا بفصلين له ، ضرورة أنّ الشيء الواحد لا يعقل أن يتقوّم بفصلين ، فانّ كل فصل مقوّم للنوع وذاتي له ، فلا يعقل اجتماعهما في شيء واحد.
وعليه فلا يلزم من أخذ الشيء في المشتق دخول العرض العام في الفصل ، بل يلزم منه دخوله في الخاصة ، ولا محذور فيه ، إذ قد يتقيد العرض العام بقيد فيكون خاصّة.
فما أفاده السيِّد الشريف من استلزام أخذ مفهوم الشيء في المفهوم الاشتقاقي دخول العرض في الفصل غير تام بوجه ، هذا.
وقد أورد عليه شيخنا الاستاذ قدسسره بأنّ الناطق بمعنى التكلم أو إدراك الكلّيات وإن كان من لوازم الانسان وعوارضه ، إلاّ أنّه بمعنى صاحب النفس الناطقة فصل حقيقي ، فيلزم من أخذ مفهوم الشيء في مفهوم المشتق دخول العرض العام في الفصل [١].