نام کتاب : متشابه القرآن نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 620
٧٠٨ ـ فأما تعلقهم بقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ ) [٤] فى أنه تعالى يخلق إيمان المؤمن ، فبعيد ، وذلك أن الظاهر إنما يقتضى أنه أنزل السكينة فى قلوبهم ، ولفظة « الإنزال ) لا تقتضى الخلق ، فكيف يصح تعلقهم بالظاهر؟
والمراد بذلك : أنه سكّن قلوبهم وآمنهم من العدو ، فمن حيث فعل ذلك كان منزلا السكينة فى قلوبهم ، ليزدادوا إيمانا ، ويقووا على الجهاد ، ويطلبوا الظفر.
وهذا هو المراد بقوله تعالى بعد ذلك : ( فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها ) [ ١٨ ـ ١٩ ] وقوله تعالى من بعد : ( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) [٢٦].
ومتى حمل الكلام على ما ذكرنا كان الكلام على الحقيقة ، لأن الأمر الذى تأولناه عليه من فعله تعالى. وإن كان فى شيوخنا ، رحمهمالله ، من تأوله على معنى اللطف والمعونة ؛ وأنه تعالى لما فعل هذه الأسباب الداعية لهم إلى إثبات القلب وسكونه ، جاز أن يضيف ذلك إلى نفسه.
٧٠٩ ـ فأما قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) [١٠] فلا يصح تعلق المشبهة به فى إثبات اليد لله تعالى ، وذلك أن ظاهره يوجب جواز المصافحة عليه ، وجواز اليمين على يده ، حتى يصح فيه معنى الفوق ، وقد علمنا أن القوم لا يجوزون ذلك!
ولا يكون فى وصفه ـ تعالى ـ بأن يده فوق أيديهم ، على معنى المكان ـ على هذا الوجه ـ فائدة ، لأن الضعيف قد تكون يده فوق يد القوى. فالمراد إذن بالآية « إذا علمنا [١] أن المقصد أنه أقوى منهم وأقدر ، مبينا بذلك أنهم إذا نكثوا
[١] كذا الأصل ، ولعل الصواب إن لم تكن زائدة (أن يعلمنا ).
نام کتاب : متشابه القرآن نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 620