وعن ابن بابويه في كتاب التبصرة ـ مثل ما تقدّم ـ بسنده عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن آبائه عليهالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: الرؤيا ثلاثة : بشرى من الله ، وتحزين من الشيطان ؛ والذي يحدّث به الإنسان نفسه فيراه في منامه »[١].
وروى الكليني في الكافي ما يقرب منه هذا الحديث عن الصادق عليهالسلام ، إلّا أنّه قال فيه : « وتحذير من الشيطان »[٢] بدل « تحزين ».
فلعلّ المراد من تحذير الشيطان أنّه يحذّر ويخوّف الناس ، وعلى الخصوص المؤمنون عن ارتكاب الأعمال الصالحة.
والمراد من التحزين أيضاً أنّه يحزن أولياء الله وعباده المخلصين ، ويؤذيهم في منامهم ، كما أقسم بعزّة الله أن يغوي الناس ، ولكن لمّا لم يكن له سبيل على المخلصين فلا يرجع يده عن أذاهم. والشاهد على ذلك ما روي من أنّه تمثّل بصورة حيّة وأراد صرف الإمام السجّاد عن صلاته ومناجاته ، ومنها ما ورد في رؤيا السيّدة فاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآله ، وإليك ما نقل في هذا المجال :
روى القمّي في تفسيره في ذيل قوله تعالى : ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ الله وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[٣]حدّثني أبي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « كان سبب نزول هذه الآية أنّ فاطمة عليهاالسلامرأت في منامها أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلههمّ أن يخرج هو وفاطمة وعليّ والحسن والحسين صلوات الله عليهم من المدينة ، فخرجوا حتّى جاوزوا حيطان المدينة ، فعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات اليمين حتّى انتهى بهم إلى