في مثال النبيذ ـ لا يعقل أن يكون مناطا لتشريع الحكم إلاّ على نفس ذلك النوع دون الأعمّ منه وإن كان ذاتيّا له كالمتّخذ من الشعير [١] في مثال النبيذ ، فضلا عمّا إذا كان عارضيا كحرام الأكل فيما نحن فيه [٢] ، ولو كان النوع المذكور كالمسوخ ونحوه من الموضوعات المستنبطة فوظيفة الشارع تقتضي تشخيصه أيضا ، لا إهماله وتشريع الحكم على ما يعمّه [٣].
وبالجملة فلو فرض أنّ المسوخ هو الذي لا يصلح لوقوع الصلاة فيه دون النوعين الآخرين امتنع أن يكون ذلك حكمة لتشريع
[١] الظاهر أن الشعير مصحفة عن التمر ، يعني وإن كان العنوان الأعمّ ذاتيّا لذلك النوع وجنسا له ، كعنوان ( المتّخذ من التمر ) الذي أحد أنواعه النبيذ ، ففي مثله لا يعقل أن يكون إسكار النبيذ مناطا لتشريع الحكم على كل متّخذ من التمر ليشمل العصير التمري لأنّه ـ بالنسبة إلى العصير ـ حكم بغير مناط يقتضيه. [٢] فإن عنوان ( حرام الأكل ) عرض عامّ بالنسبة إلى المسوخ ، فلا يعقل أن يكون مسوخيته مناطا لتشريع المنع عن الصلاة في كل حرام الأكل حتى السباع والحشرات. [٣] يعني لا يحسن من الشارع إهمال هذا الموضوع المستنبط وترك تعريفه ليصبح بذلك أمرا غير منضبط وغير متميز ويصح تشريع الحكم على ما يعمّه ، إذ مع إمكان التعريف فعليه ذلك حذرا من تشريع حكم بلا مناط يقتضيه. اللهمّ إلاّ أن يزاحمه مناط أقوى أو مساو يقتضي الإهمال فيصح حينئذ تشريع الحكم على الأعمّ ، لكن المفروض في المقام خلافه لورود البيان الشرعيّ المائز للمسوخ عن غيره.