وأغرب من ذلك دعوى كونه [١] شرطا عقليّا في متعلّق الخطاب ، فإنّ الذي يصحّ من دعوى استقلال العقل به هو توقّف تنجّز الخطاب وعدم معذوريّة المكلّف في مخالفته على وجوده العلميّ ، وقصوره بنفس وجوده الواقعي عن هذه الصلاحيّة [٢] ، وأين هذا عن كون [٣] العلم بمتعلّق الخطاب ـ كالقدرة عليه ـ شرطا عقليّا لصحة الطلب به ، والجهل به موجبا لسقوطه النفس الأمريّ ، وأيّ مساس له بالخطابات الغيريّة [٤] التي سبيلها سبيل سائر ما يدلّ على القيديّة.
ولعلّ أن يكون ما في بعض كلماتهم ـ من عدّ العلم والقدرة في مساق واحد من الشرائط العامّة ـ قد أوجب هذا الوهم ، فقاس [٥]
[١] أي العلم. [٢] أي عن صلاحية تنجزه وعدم المعذورية في مخالفته ، فإنّ العقل مستقل بأنّ التكليف بمجرد فعليّته ووجوده الواقعي من دون وصوله إلى المكلف لا يصلح لأن يؤاخذ على مخالفته ، بل يعذر فيها في هذه الحالة ، وإنّما يقطع عذره وصوله إليه وعلمه به. [٣] للبون البعيد بينهما من جهتين : ـ إحداهما كون الشرط هو العلم بالخطاب والمدعى كونه العلم بمتعلقه ، والثانية كون المشروط هو تنجز الخطاب والمدعى كونه فعليّته ووجوده الواقعي. [٤] يعني ولو فرض كون العلم بالمتعلق كالقدرة عليه شرطا عقليا في حسن الخطاب ، لا في تنجزه فهو خاصّ بالخطابات النفسيّة ، ولا مساس له بالخطابات الغيريّة التي غاية ما تدلّ عليه هو القيدية للمتعلق دون التكليف النفسي. [٥] أي المحقّق المذكور 1.