إن حياة المجتمعات ليست أحداثا متباينة و منفصلة عن بعضها البعض، و إنما هي استمرار، يضع الماضي كل ما حصل عليه من عمله الدائب، و جهاده المستمر في صميم هذا الحاضر، ليستمد منه الكثير من عناصر قوته و حركته، و وسائل تطوره، ثم تقدمه بخطى ثابتة و مطمئنة نحو المستقبل الذي يطمح له، و يصبو إليه.
فمن الطبيعي إذن، أن نجد لكثير من الأحداث التاريخية، حتى تلك التي توغلت في أعماق التاريخ، حتى لا يكاد يظهر لنا منها شيء-نجد لها-آثارا بارزة، حتى في واقع حياتنا اليومية الحاضرة، بل تظهر آثارها في حياة الشعوب، و في تصرفاتها، بل و في مفاهيمها و عواطفها، فضلا عن تأثيرها على الحالة الدينية، و الأدبية، و العلمية، و السياسية و الاقتصادية، و العلاقات الاجتماعية، و غير ذلك.
و إن كان تأثير هذه الأحداث يختلف شمولا و عمقا من أمة لأخرى،
[1] هذا التقديم عبارة عن ملامح من تقديم كتابنا: «الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام» ، و نوردها هنا لصلتها المباشرة بموضوع بحثنا هذا، و حتى لا نضطر إلى إحالة القارئ على ذلك الكتاب.
نام کتاب : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله نویسنده : العاملي، السيد جعفر مرتضى جلد : 1 صفحه : 9